تعد المياه عنصراً أساسياً للحياة على كوكب الأرض، حيث تشكل حوالي 71% من سطحه، وتعتبر مصدرا رئيسيا للشرب، والزراعة، والصناعة، والحياة البرية.
لكن، مع مرور الزمن وتزايد الأنشطة البشرية، بات موضوع تلوث المياه (Water Pollution) من أبرز التحديات البيئية التي تواجه العالم. ويمكن تعريفها بأنها عبارة عن دخول مواد ضارة أو ملوثات إلى مصادر الماء الطبيعية ويسبب بجعلها غير صالحة للاستخدام الآدمي أو الحيواني، وقد يؤثر سلبا على النظم البيئية.
يتسبب هذا التلوث في عدة مشكلات بيئية وصحية خطيرة، ويعود إلى مجموعة من الأسباب المتنوعة، والتي تشمل الأنشطة الصناعية، والاستخدام المفرط للمبيدات والأسمدة في الزراعة، ونفايات الصرف الصحي، إضافة إلى التسربات النفطية والكيميائية.
في هذا المقال، سنستعرض وضعية عن أسباب تلوث المياه، ونشرح كيفية حدوثها وتأثيرها على صحة الإنسان والبيئة، حتى نتمكن من فهم المشكلة والعمل على إيجاد حلول للحد منها.
أسباب تلوث المياه
إن أسباب تلوث المياه متعددة ومعقدة، وتتداخل فيها عدة عوامل بشرية وطبيعية تؤدي إلى تغيير جودة الماء وتجعلها غير آمنة للشرب أو الاستخدام. من هذه العوامل يمكن ذكر المياه العادمة التي تتدفق من المنازل والمنشآت الصناعية إلى الأنهار والمحيطات، محملة بملوثات كيميائية وعضوية تساهم في تلوث البيئة البحرية وتسبب نفوق حياة الأسماك، وتدمير التوازن البيئي المحيط.
إقرأ أيضا:التنافس بين الكائنات الحية: تعريفه وأنواعه وأهميته وأمثله عليه ودوره في تنوع الأنظمة البيئيةمن جهة أخرى تسهم النفايات الصناعية بدور رئيسي في تدهور نوعية المياه. إذ تلقي العديد من المصانع مواد كيميائية ضارة ومخلفات غير معالجة في البحيرات والمسطحات المائية المجاورة، مما يتسبب في تراكم مواد خطيرة وتهدد بموت الأسماك وتلوث الشواطئ.
يُعد نهر الغانج من أكثر الأنهار تلوثا في العالم حيث تلقى فيه كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي والنفايات الصناعية دون معالجة. هذا التلوث يؤثر على ملايين الأشخاص الذين يعتمدون على مياهه للشرب والري، ويؤدي إلى انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه.
هذا إلى جانب النفايات الناتجة عن النشاط الزراعي؛ فالاستخدام المكثف للمبيدات الحشرية والأسمدة يتسبب في انتقال هذه المواد الكيميائية إلى الأنهار والجداول، مما يضر بالكائنات الحية ويؤدي إلى انتشار ظاهرة الإثراء الغذائي، وهي زيادة مستويات العناصر الغذائية بشكل مفرط، ما يخلق بيئة غير صحية لنمو الطحالب الضارة.
أما بقع النفط الناتجة عن حوادث تسرب النفط من السفن في البحار من أهم مصادر تلوث المياه. فعند تسرب النفط من ناقلات البترول أو الآبار البحرية، ينتشر على سطح الماء، مشكلاً طبقة تعيق وصول الأوكسجين إلى الكائنات البحرية. ويزداد الأمر سوءًا مع النفايات الإشعاعية التي تخلفها بعض الأنشطة الصناعية، حيث تتسرب الإشعاعات إلى البيئة، مسببة أخطارًا على الحياة البحرية وصحة الإنسان.
إقرأ أيضا:التنافس بين الكائنات الحية: تعريفه وأنواعه وأهميته وأمثله عليه ودوره في تنوع الأنظمة البيئيةكما يشكل تسرب المبيدات والأسمدة من الأراضي الزراعية مصدر آخر من أسباب التلوث، تنتقل عبر مياه الأمطار إلى الجداول والأنهار، مسببة زيادة في تراكم المواد الكيميائية. ويضاف إلى ذلك الأمطار الحامضية التي تتشكل نتيجة تلوث الهواء بالغازات الضارة، حيث تتفاعل هذه الغازات مع بخار الماء في الجو، وتنزل على هيئة أمطار محملة بحموض تؤثر على المسطحات المائية والنظم البيئية.
وفي السياق ذاته، يمكن أن يؤدي التخلص من النفايات بشكل غير مدروس إلى تلوث المياه الجوفية. إذ قد تتسرب من مدافن النفايات إلى طبقات التربة السفلى، فتصل إلى الماء المخزون تحت الأرض، ما يجعلها لا تصلح للاستخدام البشري أو الزراعي. وتلعب أيضا الأنشطة البحرية، مثل رمي المخلفات في المحيطات، دورًا كبيرًا في نشر التلوث على نطاق واسع، حيث تنتقل إلى الشواطئ، مهددة الحياة البحرية والسياحة.
تعاني بنغلاديش من مشكلة تلوث المياه الجوفية بالزرنيخ، حيث تحتوي مياه الشرب في العديد من المناطق على مستويات عالية من هذا العنصر السام. هذا التلوث أدى إلى مشكلات صحية خطيرة، بما في ذلك زيادة حالات السرطان والأمراض الجلدية.
الممارسات المنزلية هي أيضا من أهم أسباب تلوث المياه التي تؤدي إلى تدهور جودة الموارد المائية. فالكثير من الناس لا يدركون أن استخدام المنظفات الكيميائية والمطهرات الصناعية، التي تُرمى عادة في المجاري، ينتهي بها الحال إلى الأنهار أو البحار، مسببة بتلوث للماء ببطء ولكن بشكل مستمر، مما يصعب التخلص منها، ويؤثر على جودتها على المدى الطويل.
إقرأ أيضا:التنافس بين الكائنات الحية: تعريفه وأنواعه وأهميته وأمثله عليه ودوره في تنوع الأنظمة البيئيةويعتبر المناخ المتغير أحد العوامل الحديثة التي تؤثر على جودة المياه، حيث تتسبب التغيرات المناخية في تغير أنماط الأمطار وزيادة درجات الحرارة، ما يزيد من تبخر الماء ويؤدي إلى تركيز الملوثات. وتزيد الأنشطة المتعلقة بالتعدين أيضًا من مستويات التلوث، حيث تتسرب المعادن الثقيلة ما يجعل الماء غير مناسب للشرب ويضر بالكائنات الحية.
ومن الجدير بالذكر أن التلوث الصلب، مثل البلاستيك والفضلات الصلبة الأخرى، يشكل تهديدا خطيرا للمحيطات والبحار، حيث يتجمع البلاستيك ويصعب تحلله، مسببا ضررا للكائنات التي تتغذى عليه عن طريق الخطأ.
كيفية الحد من أسباب تلوث المياه في الأنهار والبحار
للتقليل من أسباب تلوث المياه في الأنهار والبحار، يمكن اتخاذ عدة حلول فعالة تشمل تقنيات وعمليات وممارسات يمكن تطبيقها على مختلف المستويات لتقليل تلويث الماء:
- بناء محطات معالجة المياه يضمن تقليل تصريف الماء الملوثة.
- إلزام المصانع بتنقية مخلفاتها قبل تصريفها.
- استخدام الأسمدة العضوية.
- تبني المكافحة الحيوية للآفات.
- نشر الوعي بأهمية حماية المياه.
- فرض قوانين صارمة يمنع إلقاء النفايات البلاستيكية في المسطحات المائية.
- إنشاء مصارف خاصة لمياه الأمطار.
- تشديد الرقابة على نقل النفط عبر السفن.
- تشجيع إعادة التدوير للنفايات التي تصل إلى البحار والأنهار.
- زراعة حواجز نباتية حول المياه يساعد في امتصاص الملوثات قبل تسربها.
- تقليل استهلاك المياه يخفف الضغط على الموارد ويحد من التلوث.
- تعزيز تقنيات إعادة استخدام الماء يساهم في تقليل كميات الصرف الملوثة.
- الحد من البلاستيك أحادي الاستخدام.
- تنظيم الصيد المستدام يحافظ على نظافة المسطحات المائية من الأدوات البلاستيكية.
- تركيب مصافٍ على مصبات الأنهار لمنع تسرب الشوائب إلى البحار.
- دعم الأبحاث العلمية لإيجاد حلول فعالة لمعالجة التلوث.
- تقليل التجريف الصناعي للمحافظة على نقاء المياه من المعادن الثقيلة.
- التعاون الدولي لتنظيم عمليات استخراج النفط ويقلل من مخاطر التلوث.
- فرض عقوبات مالية على المخالفين يردع الممارسات الضارة بالبيئة المائية.