السؤال: احسب الزمن الذي يستغرقه القمر الاصطناعي بالثواني والدقائق ليكمل دورة حول الأرض ويعود إلى المدفع.
- الإجابة: الزمن الذي يستغرقه القمر الاصطناعي لإكمال دورة حول الأرض والعودة إلى المدفع هو 5.3×10³ ثانية، أي ما يعادل تقريبًا 88 دقيقة.
شرح الإجابة:
يكمن سر حساب الدورة الزمنية التي يقطعها القمر الاصطناعي حول الأرض في فهم المبادئ الأساسية للحركة المدارية وتطبيق القوانين الفيزيائية الكلاسيكية التي وضعها العلماء عبر الأجيال، وفي مقدمتهم يوهانس كبلر وإسحاق نيوتن. فلنبحر خطوة بخطوة في هذا المفهوم، لنوضح لطالب في الخامسة عشرة من عمره كيف ولماذا يستغرق القمر الاصطناعي 5300 ثانية تقريبًا، أي قرابة 88 دقيقة، لإتمام رحلة كاملة حول الأرض والعودة إلى نقطة الانطلاق المسماة “المدفع”.
في البداية، يجب أن نُعرِّف “الدورة المدارية” بأنها الفترة الزمنية التي يحتاجها جسم ما، مثل القمر الصناعي، لكي يدور دورة كاملة حول الأرض ويعود إلى نفس الموقع الذي بدأ منه. يستمد هذا الجسم حركته من توازن دقيق بين سرعة انطلاقه وقوة الجاذبية الأرضية التي تشده نحو المركز. فإذا زادت سرعته أكثر من اللازم، أفلت من جاذبية الأرض وخرج إلى الفضاء؛ أمّا إذا كانت أقل من المطلوب، فإنه سرعان ما يسقط عائدًا إلى الأرض. وهنا تظهر روعة الحسابات الفيزيائية في تحديد السرعة والزمن بدقة، حتى يُكتب للقمر الاصطناعي الاستمرار في مداره، من غير أن يهيم خارج المدار أو يهوي إلى الأرض.
بالانتقال إلى السياق الرياضي، نستعين بالقانون الثالث لكبلر، والذي ينص على أن مربع الفترة المدارية لجسم ما حول كوكب يتناسب طرديًا مع مكعب نصف المحور الرئيسي للمدار، وذلك بافتراض أن كتلة القمر الصناعي ضئيلة مقارنة بكتلة الأرض. ويمكن استخراج الزمن الدوري (T) باستخدام المعادلة الفيزيائية:
T = 2π √(r³ / GM)
حيث ترمز:
– 2π إلى ثابت رياضي للدوائر،
– r إلى نصف قطر المدار (أي المسافة من مركز الأرض إلى القمر الصناعي)،
– G إلى ثابت الجاذبية العام (6.674 × 10⁻¹¹ N·m²·kg⁻²)،
– M إلى كتلة الأرض (حوالي 5.97 × 10²⁴ كجم).
عادةً ما توضع الأقمار الصناعية في مدارات منخفضة الارتفاع، ونحن هنا نعتمد مدارًا نموذجيًا بمتوسط ارتفاع حوالي 400 كيلومتر فوق سطح الأرض. بحساب نصف القطر (r) نجمع نصف قطر الأرض (6,371,000 متر) مع ارتفاع المدار المختار (400,000 متر)، فيكون المجموع تقريبا 6,771,000 متر. وعند إدخال هذه القيم في معادلة كبلر، نجد أن الزمن الدوري الناتج هو تقريبًا 5300 ثانية.
يأتي بعد ذلك دور التحويل بين الوحدات، حيث ننتقل من وحدة الزمن بالثواني إلى الدقائق. في النظام الدولي للوحدات، الدقيقة تساوي 60 ثانية. بعملية قسمة بسيطة:
5300 ثانية ÷ 60 ≈ 88.3 دقيقة.
من هذا المنطلق، يتضح بجلاء أن القمر الاصطناعي في مدار منخفض حول الأرض، وعلى ارتفاع قريب من المدار الذي تدور فيه محطة الفضاء الدولية، يحتاج إلى نحو 88 دقيقة ليعود إلى نقطة انطلاقه. وإذا ربطنا ذلك بالمعطيات التطبيقية من الواقع، سنلاحظ أن محطة الفضاء الدولية، وهي من أشهر الأقمار الصناعية في المدار المنخفض، تُكمل دورتها حول الأرض فعليًا في فترة بين 88 و93 دقيقة تقريبًا، مما يثبت دقة الحسابات ويعزز من مصداقية النتائج المستقاة من القوانين الفيزيائية.
بالإضافة إلى ذلك، يجدر بنا التأكيد على أن زيادة ارتفاع القمر الاصطناعي عن سطح الأرض تُبطئ دورته المدارية، بسبب نقص الجاذبية في هذه المناطق، وهو ما يؤدي إلى ازدياد الفترة الزمنية للدورة بحسب قانون كبلر الثالث. فعلى سبيل المثال، الأقمار الصناعية في المدارات المرتفعة أو المتزامنة مع الأرض قد تستغرق 24 ساعة لإكمال الدورة، بينما تلك القريبة تدور في زمن قصير نسبيًا.
ينعكس عمق هذه المفاهيم العلمية في التطبيقات العملية، فكلما ازداد فهمنا للروابط الرياضية بين الكتلة، والجاذبية، والسرعة، والزمن، أصبح بمقدور الإنسان تصميم وتوجيه الأقمار الصناعية بدقة عالية تُسابق الخيال؛ إذ لا تقتصر ثمار هذه المعرفة على تقنيات البث والملاحة والطقس والاتصالات، بل تتعداها إلى فهم أعمق للكون وقوانين حركته وأسراره الكامنة.
ومن هنا نستشعر أن رحلة القمر الاصطناعي حول الأرض ما هي إلا حلقة في سلسلة الإبداع البشري، تترابط فيها الإشارات العلمية والروابط الفيزيائية لتنسج لوحة من الفهم الذي يجمع بين البساطة والدقة، بين الخيال والتطبيق، بين القانون الطبيعي وحاجة الإنسان إلى المعرفة والانطلاق نحو آفاق جديدة.