مناهج المملكة العربية السعودية

حسن الظن بالله يُحمل على العمل الصالح والحث عليه، وإن حُمل على البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور. صواب خطأ

حل سؤال :حسن الظن بالله يُحمل على العمل الصالح والحث عليه، وإن حُمل على البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور. صواب خطأ

  • الجواب: صواب، حسن الظن بالله يكون مع العمل الصالح، أما مع البطالة والمعاصي فهو غرور.

لماذا الجواب “ًصواب”

يشكل حسن الظن بالله ركيزة أساسية وعميقة في العقيدة الإسلامية، وهو ليس مجرد شعور سطحي أو أمل عابر، بل هو حالة قلبية راسخة من اليقين المطلق بأن الله سبحانه وتعالى رحيم وكريم وغفور، وأنه لن يخيب رجاء عبده المؤمن الساعي لنيل رضاه. هذا الظن هو في حقيقته انعكاس لإدراك العبد لـ أسماء الله الحسنى وصفاته العُلا، كالرحمة والفضل والواسع، مما يدفع القلب إلى رجاء رحمة الله والتعلق بها. إلا أن هذا اليقين يظل محكوماً بالمنهج الشرعي، فهو ظنٌ قائم على إيمان يوجب الاستجابة لأمر الله ونهيه، وليس مجرد ادعاء قلب بلا فعل.

إن الدليل العملي والفارِق لصدق حسن الظن بالله هو اقترانه الحتمي والمُنتِج بـ العمل الصالح والمسارعة إليه. فالرجاء الحقيقي لا يعني التواكل والقعود، بل هو وقود يغذي دافعية العبد للجد والاجتهاد في الطاعة، خوفاً من ضياع الفرصة وطمعاً في نيل الثواب الموعود به من الله. من أحسن الظن بربه، أدرك أن الله تعالى يكره الكسل ويحب العمل، ولذا يترجم هذا الظن إلى سعي مستمر في الخيرات. وهذا ما أكد عليه الإمام ابن القيم وغيره من أهل العلم بقولهم: “حسن الظن إنما يكون مع فعل الأسباب”، ليصبح الظن داعياً إلى العمل، لا مبرراً للبطالة.

في المقابل، يتحول حسن الظن إلى مفهوم خطير يُسمى الغرور (أو الافتتان) عندما يُحمل على غير وجهه الصحيح. يقع المرء في هذا الانحراف عندما يتوهم أن سعة رحمة الله وكرمه تسمح له بـ البطالة وترك الفرائض والواجبات، أو الأسوأ من ذلك، الاستمرار في الانهماك في المعاصي مع التعليل بأن الله غفور رحيم. هذا السلوك ليس ظناً حسناً، بل هو وهمٌ مضل وجهل بحقيقة الإيمان الذي لا ينفك عن التكليف، وهو استهانة بحق الله وعدم مبالاة بأمره ونهيه، مما لا يثمر إلا الخسران في نهاية المطاف.

لتحقيق حسن الظن الصحيح والنافع، لا بد من تحقيق التوازن الدقيق بين قطبي الإيمان الأساسيين: الخوف والرجاء. الرجاء وحده دون عمل يُفضي إلى الغرور والأمن من مكر الله، بينما الخوف وحده دون رجاء يُفضي إلى القنوط واليأس من رحمة الله. لذلك، كان منهج السلف الصالح يركز على المشي إلى الله بجناحي الخوف والرجاء معاً؛ فالرجاء يدفع إلى العمل والأمل، والخوف يردع عن المعصية ويحمي من الغرور. هذا التوازن المنهجي يضمن بقاء القلب في حالة صحية بين الطاعة والاحتراز، ويمنع الوقوع في أي من حالتي الإفراط أو التفريط.

بناءً على هذا التفصيل، فإن المقولة صحيحة تماماً وتؤكد على أن الميزان في الحكم على حسن الظن بالله هو العمل الصالح الملازم له. إن الفهم القويم الذي يتبناه منهج أهل السنة والجماعة هو الذي ينتج الثمرة العملية المتمثلة في الاستقامة الدائمة. في سياق المملكة العربية السعودية، يمثل هذا المفهوم الأخلاقي دعامة تحث على بذل الجهد في كافة مناحي الحياة الدينية والدنيوية، مع الإخلاص في العبادة. الظن الجميل هو في النهاية مصدر قوة للروح يمنحها الأمل، لكنه مشروط باستخدامه كدافع لـ الاستقامة المستمرة والابتعاد عن مواطن الفتنة، مؤكداً أن رحمة الله تُنال بأمر الله، وهو العمل الصالح المقرون بالرجاء.

السابق
تحذف حروف العلة من آخر الفعل المضارع ……. المرفوع المنصوب المجرور المجزوم
التالي
حكم القاضي للخليفة علي بن أبي طالب _رضي الله عنه_ في قصة الدرع الذي سرقه النصراني. صواب خطأ

اترك تعليقاً