لماذا يفضل أن تكون صفحات الكتاب خشنة على أن تكون ملساء ومصقولة

صفحات الكتاب لماذا يفضل أن تكون صفحات الكتاب خشنة على أن تكون ملساء ومصقولة؟

• الإجابة: لتمنع الانعكاس المنتظم والمباشر للضوء، وتعمل على تشتيته في اتجاهات متعددة، مما يمنع تكون الوهج ويجعل القراءة أكثر راحة ووضوحًا للعين.

شرح الإجابة:

عندما يسقط الضوء على سطح أملس ومصقول، كمرآة أو صفحة لامعة، فإنه يخضع لما يُعرف في علم البصريات بـ الانعكاس المنتظم. في هذه الحالة، ترتد الأشعة الضوئية الساقطة بزاوية محددة في اتجاه واحد وبنفس الزاوية، تمامًا ككرة ترتد عن أرضية ملساء. ينتج عن هذا الانعكاس تركيزٌ للضوء في بقعة واحدة، وهو ما نُطلق عليه اسم الوهج، هذه الظاهرة تعيق الرؤية بشكل مباشر وتجعل تمييز الكلمات المطبوعة على الصفحة أمرًا مرهقًا وصعبًا.

وعلى النقيض من ذلك تمامًا، فإن السطح الخشن لصفحة الكتاب، والذي يتكون مجهريًا من عدد لا يحصى من ألياف السليلوز المتشابكة والأسطح الدقيقة الموجهة عشوائيًا، يتعامل مع الضوء بطريقة مختلفة جذريًا. فعندما تصطدم الأشعة الضوئية بهذا السطح غير المستوي، فإنها ترتد في آلاف الاتجاهات المختلفة. هذه العملية الفيزيائية تُدعى الانتشار أو الانعكاس المنتشر، وهي جوهر الإجابة على هذا التساؤل.

يترتب على ظاهرة الانتشار هذه فائدة عظيمة للقارئ، فالضوء المتشتت يضيء الصفحة بشكل متساوٍ ومتجانس، بدلًا من أن ينعكس مباشرة من مصدر الإضاءة إلى عينك. بهذا، فإن ما تراه عيناك ليس صورة للمصباح فوقك، بل هو الضوء المرتد من جزيئات الحبر وسطح الورق نفسه. هذا التوزيع المتجانس للضوء يُمكّن شبكية العين من تكوين صورة واضحة للنص المكتوب من أي زاوية نظر تقريبًا.

إن هذا التشتت للضوء لا يقتصر أثره على زيادة وضوح الرؤية فحسب، بل يتعداه ليقلل من إجهاد العين بشكل ملحوظ. فالنظر المطول إلى سطح لامع يجبر عضلات العين على التكيف المستمر مع بقعة الوهج الساطعة، مما يسبب التعب والصداع. أما الأسطح الخشنة، فتخلق بيئة بصرية مريحة تسمح بالقراءة لساعات طويلة دون الشعور بالانزعاج، وهو عامل حاسم في تصميم المواد التعليمية والمطبوعات.

خلاصة القول، إن اختيار الورق الخشن في صناعة الكتب ليس اختيارًا عشوائيًا، بل هو تطبيق عملي ومدروس لمبادئ الفيزياء البصرية وهندسة المواد. فالغاية هي تحسين التفاعل بين الضوء والورق والعين البشرية، وذلك لضمان تجربة قراءة مثالية تكون فيها الكلمة هي بؤرة التركيز، لا الانعكاسات الضوئية المزعجة، مما يحقق الهدف الأسمى من الكتاب وهو نقل المعرفة بفاعلية ويسر.