السؤال: ماذا يفعل من فعل المناهي السابقة أخذ من شعره أو ظفره؟
- الإجابة: من قام بأحد هذه الأفعال، سواء بقص شعره أو تقليم أظافره، وهو مريدٌ للأضحية بعد دخول عشر ذي الحجة، يتوجب عليه أن يستغفر الله تعالى، ولا يلزمه أي فدية أو كفارة مالية.
شرح الإجابة:
إن هذا الحكم الشرعي، الذي يستند إلى فهم عميق لمقاصد الشريعة، يقوم على أساس واضح بيّنه العلماء، ومنهم الإمام ابن قدامة. فلنتأمل في جوهر المسألة؛ حين يقع المسلم الذي عقد النية على التضحية في هذا الفعل، سواء بقص جزء من شعره أو أظافره، فإنه قد خالف أمراً مستحباً وليس ركناً واجباً من أركان الأضحية. ونتيجة لذلك، فإن تصحيح هذا المسار لا يتطلب جزاءً مادياً كالفدية، بل يتطلب عملاً قلبياً خالصاً وهو الرجوع إلى الله بالاستغفار والندم على ما حدث، وهذا هو جوهر التوبة النصوح.
وهنا يبرز فارق جوهري، إذ إن هذا الحكم يشمل حالتين متمايزتين: حالة من فعل ذلك متعمداً وهو يدرك النهي، وحالة من فعله ناسياً أو جاهلاً بالحكم. ففي كلتا الحالتين، لا تترتب عليه أي كفارة، وهذا من يسر الشريعة الإسلامية وسماحتها. لقد أجمع الفقهاء على أن العلاج الوحيد المطلوب هو الاستغفار، لأن الفعل بحد ذاته لا يبطل الأضحية ولا ينقص من أجرها الأساسي إذا كانت النية صادقة، وإنما هو تفويتٌ لفضيلة التشبه بمن هم في إحرام الحج.
والحكمة من هذا التشريع تكمن في طبيعة النهي نفسه؛ فهو ليس من المحظورات المشددة التي تستوجب كفارة مالية أو بدنية، كما هو الحال في بعض مخالفات الإحرام للحج والعمرة. بل هو إرشاد نبوي يهدف إلى مشاركة الحجاج في بعض مظاهر النسك، ليعم الخير والبركة وليبقى المضحي بكامل أجزائه حتى تقع أضحيته. وعليه، فإن مخالفة هذا الإرشاد تُجبر بالاستغفار الذي يعيد صقل الروح ويقوي صلتها بالخالق، دون الحاجة إلى أعباء مادية.
وبناءً على ما سبق، فإن المسألة تنتهي عند نقطة الاستغفار الصادق. فمن وقع في هذا الأمر، عليه أن يطلب المغفرة من الله، ثم يمضي في أمره مطمئناً، مركزاً على إتمام شعيرة الأضحية وإخلاص النية فيها، فهي المقصد الأعظم والعبادة الأساسية في هذا الموقف، ولا ينبغي أن يشغله هذا الخطأ العارض عن تحقيق الغاية الكبرى من القربان والتقوى.