السؤال: من أعطى لجنة خيرية مالا ليذبحوا عنه خارج البلد هل يعد هذا في حكم التوكيل؟
- الإجابة: نعم، يعتبر هذا الإجراء توكيلاً صحيحاً، ويقع الذبح مجزئاً عن المتبرع بحسب نيته.
شرح الإجابة:
حينما يمنح فردٌ مبلغاً من المال لهيئة أو لجنة خيرية بهدف إقامة شعيرة الأضحية نيابةً عنه في بلد آخر، فإننا ندخل في صميم مفهوم فقهي دقيق يُعرف بـ”الوكالة”. فالوكالة في جوهرها هي تفويض شخص لآخر للقيام بعمل معين نيابةً عنه، وهذا الأمر جائز ومشروع في العديد من المعاملات والعبادات، ومن بينها توزيع الزكاة وأداء النُسُك. وبناءً على ذلك، فإن العلاقة التي تنشأ هنا هي علاقة “مُوكِّل” وهو المتبرع، و”وكيل” وهي اللجنة الخيرية المسؤولة عن تنفيذ المهمة.
ولكي تتضح الصورة أكثر، فإن هذه العملية لا تُعتبر مجرد تبرع مالي عام، بل هي عقد وكالة مُقيد بغرض محدد وهو إراقة الدم تقرباً إلى الله في أيام النحر. فاللجنة لا تتصرف في المال كما تشاء، بل هي مُلزمة شرعاً بتنفيذ ما وُكِّلت به بدقة وأمانة، أي شراء بهيمة الأنعام وذبحها في الوقت الشرعي المحدد للأضحية. ومن هذا المنطلق، يقع عبء التنفيذ على عاتق اللجنة، بينما تبرأ ذمة المتبرع بمجرد توكيله الصحيح.
والفيصل في هذا الأمر برمته هو “النية”، فالأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى. فعندما يعقد المتبرع العزم وينوي بقلبه أن هذا المال مخصص لأضحيته، ثم يدفعه للجنة، فإن هذا الذبح الذي سيتم ولو في أقاصي الأرض يقع عنه هو، ويُنسب إليه ويُثاب عليه. فاللجنة ما هي إلا أداة تنفيذية لتحقيق نية المُوكِّل وإرادته، تماماً كما لو أنه ذبحها بيده.
إقرأ أيضا:اي من خصائص الاجسام لا يؤثر فيها تغير الحالهأما عن مسألة الذبح خارج بلد المضحي، فهذا أمر قد أجازه جمع كبير من أهل العلم، خصوصاً في زماننا هذا الذي تتجلى فيه الحاجة والفقر في بعض بلاد المسلمين بصورة أشد من غيرها. فنقل الأضحية إلى مكان يكون فيه المسلمون أشد حاجة للطعام واللحم يُحقق مقصداً عظيماً من مقاصد الشريعة، وهو التكافل والتراحم بين أفراد الأمة الإسلامية، وإدخال السرور على قلوب المحتاجين في يوم العيد، وهذا لا يُنقص من أجر المضحي شيئاً، بل قد يزيده فضلاً وسعة.
إقرأ أيضا:اكتب كل عدد بالصيغة القياسية ثلاث مئة وعشرون