السؤال: من هو محمد بقي ويكيبيديا السيرة الذاتية؟
شرح الإجابة:
تتجلى سيرة محمد بقي كفصل مهم في التاريخ الليبي الحديث، فهو الرجل الذي انطلقت مسيرته من عمق الجنوب الليبي، وتحديدًا من منطقة أم الأرانب التي شهدت ولادته في عام 1952. حمل بقي الجنسية الليبية، وتشير المعلومات المتوفرة إلى أنه يعتنق الدين الإسلامي. لقد كانت حياته رحلة متصلة بين أروقة العلم وميادين السياسة، حيث بدأ فصولها الأولى بالدراسة الابتدائية في مسقط رأسه، ثم انتقل ليكمل تعليمه الإعدادي والثانوي في مدينة سبها، التي شكلت حجر الزاوية في تكوينه المبكر.
بعد إتمامه المرحلة الثانوية، لم تتوقف رحلته المعرفية عند هذا الحد، بل اتسعت آفاقها بانتقاله إلى جامعة بنغازي، حيث نال درجة الليسانس في تخصص الجغرافيا خلال العام الدراسي 1974 – 1975. وشكل هذا التحصيل العلمي منطلقًا لمسار مهني وأكاديمي فريد، فبعد تخرجه مباشرةً، التحق بوزارة التخطيط في العاصمة طرابلس، غير أن شغفه بالبحث والتدريس قاده في مطلع عام 1978 ليصبح معيدًا في قسم الجغرافيا بكلية التربية في سبها، لتبدأ من هنا محطة فارقة في حياته.
وفي منعطف أكاديمي حاسم، أُتيحت لمحمد بقي فرصة الابتعاث لاستكمال دراساته العليا في الولايات المتحدة الأمريكية أواخر عام 1978. وهناك، أمضى عامًا كاملًا في صقل مهاراته اللغوية بمدينة سياتل، ليلتحق بعدها بجامعة غرب واشنطن وينال درجة الماجستير في تخصص دقيق وهو “جغرافية البيئة” مع مطلع عام 1983. ولم تقتصر سنوات دراسته في الخارج على التحصيل العلمي فحسب، بل شهدت تلك الفترة تبلور وعيه السياسي، حيث كان على اتصال وثيق بحركات المعارضة الليبية في الخارج، وصولًا إلى انتسابه للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا.
عقب عودته إلى أرض الوطن في نهاية عام 1985، عاد محمد بقي إلى ميدانه الأثير، جامعة سبها، حيث انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا، وهو الدور الذي استمر فيه لسنوات طويلة، تاركًا بصمة واضحة في الأجيال التي علمها. وتتويجًا لجهوده الأكاديمية، كُلّف برئاسة القسم خلال الفترة الممتدة بين عامي 1991 و1997. هذه المسيرة المزدوجة بين الأكاديميا والنشاط السياسي هي التي مهدت له الطريق لتبوؤ مناصب عليا في الدولة الليبية لاحقًا.
في ختام مسيرته الحافلة، التي تُوجت بشغله منصب النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة، أسدل الستار على حياة محمد بقي في يوم السبت الموافق للسابع عشر من يوليو لعام 2021. ورغم أن البيان الرسمي لمجلس الدولة لم يفصح عن سبب الوفاة، فإن مصادر إعلامية ليبية متعددة أرجعت رحيله إلى مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، لتنتهي بذلك حكاية رجل جمع بين العلم والسياسة وترك إرثًا يتردد صداه في ذاكرة ليبيا المعاصرة.