السؤال: يدور قمر اصطناعي حول الأرض أي العوامل تعتمد عليها سرعته؟
- الإجابة: سرعة القمر الصناعي في مداره تتحدد بعاملين أساسيين لا ثالث لهما: الكتلة الكلية للكوكب الذي يدور حوله، ومدى ارتفاع المدار عن مركز ذلك الكوكب.
شرح الإجابة:
لنتأمل الأمر ببساطة، إن حركة القمر الصناعي حول الأرض هي حالة توازن دقيقة ومستمرة. هناك قوتان رئيسيتان تتصارعان في هذا المشهد الكوني: قوة الجاذبية الأرضية التي تسعى لسحبه إلى الأسفل باستمرار، ومن جهة أخرى، القصور الذاتي للقمر الصناعي الذي يدفعه للتحرك إلى الأمام في خط مستقيم. السرعة المدارية هي المقدار المثالي الذي يحقق التعادل بين هاتين القوتين، فيظل القمر في حالة سقوط دائم حول الأرض دون أن يرتطم بها أبدًا.
وهنا يكمن المفتاح الأول، وهو كتلة الأرض. كلما زاد مقدار الجرم السماوي، اشتدت قوة جذبه للأجسام من حوله. فالأرض بكتلتها الهائلة تولّد مجالاً جاذبيًا قويًا.
ولكي يتغلب القمر الصناعي على هذا السحب الجبار ويحافظ على مساره الدائري، لا بد له من التحرك بسرعة فائقة. لو كانت كتلة الأرض أكبر، لاضطر القمر الصناعي إلى زيادة سرعته أكثر للبقاء في المدار نفسه، والعكس صحيح.
أما العامل الثاني، فلا يقل أهمية، وهو البعد عن مركز الأرض أو ما نسميه ارتفاع المدار. فقوة الجاذبية ليست ثابتة، بل تضعف تدريجيًا كلما ابتعدنا عن الكوكب.
لذلك، فإن القمر الصناعي القريب من سطح الأرض، والذي يدور في مدار منخفض، يتعرض لقوة جذب شديدة، مما يجبره على الانطلاق بسرعة هائلة تصل إلى آلاف الكيلومترات في الساعة ليحافظ على توازنه.
في المقابل، القمر الصناعي البعيد جدًا، الموجود في مدار مرتفع، يشعر بجاذبية أضعف بكثير، وبالتالي يمكنه التحرك بسرعة أبطأ مع الحفاظ على استقراره في مساره.
ومن المثير للاهتمام أن كتلة القمر الصناعي نفسه لا تدخل في هذه المعادلة على الإطلاق. سواء كان قمرًا صغيرًا بحجم حقيبة سفر أو محطة فضاء دولية ضخمة، فإذا وُضعا في المدار نفسه وعلى الارتفاع ذاته، فسيتحتم عليهما التحرك بالسرعة نفسها تمامًا. إنها قاعدة كونية تنطبق على الجميع، حيث إن السرعة المطلوبة هي من خصائص المدار، وليست من خصائص الجسم الذي يشغله.
خلاصة القول، إن سرعة أي جسم يدور حول كوكبنا هي نتاج مباشر لرقصة كونية محكومة بقانونين فقط: مدى قوة شد الأرض (المرتبطة بكتلتها)، ومدى اقتراب الجسم من مصدر هذه القوة (ارتفاعه). هذان العاملان هما اللذان يحددان الإيقاع الدقيق لهذه الحركة المدارية المذهلة.