السؤال: إذا فقد الإنسان إحدى عينيه فكم يفقد من قوة بصره؟
- الإجابة: يفقد الإنسان ما يقارب 20%، أي خُمس قدرته الإبصارية الكلية.
شرح الإجابة:
قد يبدو للوهلة الأولى أن فقدان عين واحدة من أصل اثنتين يعني خسارة نصف القدرة على الرؤية، أي 50%، ولكن الحقيقة العلمية أكثر عمقًا وتشابكًا من هذه الحسبة البسيطة. إن الإبصار ليس مجرد عملية تقوم بها العينان بشكل مستقل، بل هو منظومة متكاملة يديرها الدماغ ببراعة فائقة، حيث تعمل كل عين ككاميرا متطورة، بينما يقوم الدماغ بدور المعالج المركزي الذي يدمج الصورتين ويحلل أبعادهما.
ولكي تتضح الصورة أكثر، دعنا نتناول مفهوم “مجال الرؤية”. لكل عين حقل رؤية خاص بها، وهناك منطقة مشتركة واسعة في المنتصف تتداخل فيها رؤية العينين. عند فقدان إحدى العينين، فإن الخسارة الأكبر لا تكون في مركز الرؤية، بل في الرؤية المحيطية أو الجانبية لذلك الجانب، وهو ما يمثل جزءًا محددًا وليس نصف المشهد البصري بأكمله. فالمنطقة المركزية المتداخلة تضمن استمرار رؤية جزء كبير من العالم أمامك، وإن كان ذلك بفعالية أقل.
ينتقل بنا هذا إلى نقطة جوهرية أخرى، وهي “الرؤية المجسمة” أو إدراك العمق. إن وجود عينين اثنتين يمنح الدماغ صورتين من زاويتين مختلفتين قليلاً، ومن خلال دمج هاتين الصورتين، يستطيع الدماغ حساب المسافات والأبعاد بدقة مذهلة، وهو ما يسمح لنا بتقدير عمق الأشياء من حولنا. بفقدان عين واحدة، تتضرر هذه الميزة ثلاثية الأبعاد بشكل كبير، ويصبح تقدير المسافات أكثر صعوبة، معتمدًا على إشارات بصرية أخرى مثل حجم الأجسام وظلالها لتعويض هذا النقص.
وفي نهاية المطاف، تبرز عبقرية الجهاز العصبي في قدرته الفائقة على التكيف. مع مرور الوقت، يتعلم الدماغ الاعتماد بشكل أكبر على العين المتبقية، ويعيد تنظيم عملياته لمعالجة المعلومات الواردة منها بكفاءة أعلى. هذا التكيف الدماغي يعوض جزءًا من القصور الوظيفي، ولكنه لا يستعيد القدرات المفقودة بالكامل، مثل الرؤية المجسمة الطبيعية والمجال البصري الكامل. لذا، فإن الخسارة الفعلية تستقر عند حوالي الخُمس، وهو رقم يعكس فقدان الأبعاد والمجال الجانبي أكثر من كونه مجرد نقص في حدة الصورة.