السؤال: لصناعة مِقراب (تلسكوب) عاكس ذي قدرة على تكوين صور عالية الجودة، يُطرح خياران للمرآة المقعرة الرئيسية الكبيرة: إما أن تكون كروية الشكل أو على هيئة قطع مكافئ. فأيهما هو الاختيار الصائب، وما هو التبرير العلمي لذلك؟
- الإجابة: يتوجب بشكل حاسم وقاطع استخدام مرآة على هيئة قطع مكافئ (Parabolic mirror)، وذلك لتجاوز عقبة فيزيائية جوهرية تُعرف بالزيغ الكروي.
شرح الإجابة:
في صميم هذا الاختيار تكمن معضلة فيزيائية دقيقة تتعلق بكيفية تجميع الضوء. المرآة الكروية، على بساطة تصميمها، تعاني من عيب هندسي متأصل. فعندما تسقط حزم الضوء المتوازية القادمة من جرم سماوي بعيد على سطحها، فإن الأشعة التي ترتطم بحواف المرآة البعيدة عن المركز لا تنعكس نحو نفس النقطة التي تتجمع فيها الأشعة المرتطمة بمركزها.
ينتج عن هذا التشتت في نقاط الانعكاس ما يُعرف علمياً باسم “الزيغ الكروي” أو “الانحراف البؤري”، وهو ما يؤدي حتماً إلى تكوين صورة ضبابية، غير حادة الملامح، وتفتقر إلى الدقة التي يتطلبها الرصد الفلكي الجاد، وكلما ازداد قُطر المرآة، تفاقمت هذه المشكلة بشكل كبير.
وعلى النقيض تماماً، تأتي مرآة القطع المكافئ كحل هندسي عبقري لهذه الإشكالية تحديداً. فشكلها المنحني ليس عشوائياً، بل هو مصمم بدقة رياضية فائقة ليحقق خاصية بصرية فريدة: كل الأشعة الضوئية المتوازية الساقطة على أي جزء من سطحها، سواء عند المركز أو عند الأطراف، تنعكس وتتلاقى في نقطة واحدة ومحددة بدقة متناهية، تُسمى البؤرة الحقيقية.
إقرأ أيضا:إن العلاقة بين الصحة الجيدة والغذاء المتوازن علاقة طردية كلما كان الغذاء متوازن كلما كانت الصحة جيدةهذا التجميع المثالي للضوء في بؤرة موحدة يلغي ظاهرة الزيغ الكروي بالكامل. ونتيجة لذلك، تكون الصورة المتشكلة من خلال مرآة القطع المكافئ نقية، وواضحة، وفائقة الدقة، مما يسمح بكشف أدق تفاصيل الأجرام السماوية. لذا، فإن السعي وراء صورة عالية الجودة في المراصد الفلكية الكبيرة يجعل من مرآة القطع المكافئ الخيار العلمي الوحيد الذي لا بديل له.