جدول المحتويات
إجابة سريعة: المكافئ المتداخل لصخر الكوماتيت هو البيريدوتيت، وهو صخر ناري جوفي يتكون أساسًا من الأوليفين، وغالبا ما يوجد في الوشاح العلوي للأرض.
لتتعرف أكثر تابع قراءة هذه المقالة، سوف نتحدث عن مفهوم المكافئ المتداخل في علم الصخور النارية وأمثلة عليه وما هو صخر الكوماتيت والبيريدوتيت، ولماذا يعتبر الأخر المكافئ المتداخل له.
مفهوم المكافئ المتداخل في علم الصخور النارية
يُعرف المكافئ المتداخل في علم الصخور النارية بأنه صخر ناري بلوتوني (متداخل) يمتلك تركيبًا كيميائيًا ومعدنيًا مشابهًا لصخر ناري بركاني (منبثق). والفرق الأساسي بينهما يكمن في النسيج، الذي يتأثر بشكل مباشر بمعدل تبريد الصهارة أو الحمم البركانية.
تتشكل الصخور النارية المتداخلة، والمعروفة أيضا بالصخور البلوتونية نسبة إلى بلوتو إله العالم السفلي الروماني ، عندما تبرد الصهارة ببطء في أعماق القشرة الأرضية.
هذا التبريد البطيء يمنح البلورات وقتًا كافيًا للنمو إلى أحجام كبيرة، مما ينتج عنه نسيج خشن الحبيبات أو ما يُعرف بالنسيج الفانيريتي (phaneritic texture)، حيث تكون البلورات المعدنية مرئية بالعين المجردة¹.
في المقابل، تتكون الصخور النارية المنبثقة، أو البركانية، عندما تبرد الحمم البركانية بسرعة على سطح الأرض أو بالقرب منه . هذا التبريد السريع لا يسمح للبلورات بالنمو بشكل كبير، مما يؤدي إلى تكوين نسيج دقيق الحبيبات أو الأفانيت (aphanitic texture)، حيث تكون البلورات صغيرة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، أو حتى نسيج زجاجي (glassy texture) في حالة التبريد المفاجئ.
إقرأ أيضا:استمد الفنان نظم الزخرفة كالتكرار من الطبيعة التي خلقها الله سبحان وتعالىبالإضافة إلى ذلك، قد تحتوي الصخور المنبثقة على فراغات ناتجة عن فقاعات الغاز المحتجزة أثناء عملية التبريد السريع، وهو ما يُعرف بالنسيج الحويصلي (vesicular texture) .
إن العلاقة بين التركيب الكيميائي والمعدني والنسيج هي أساس تحديد المكافئ المتداخل. حيث يشترك المكافئ المتداخل والصخر الناري المنبثق في نفس التركيب الكيميائي الأساسي، مما يعني أنهما يحتويان على نفس مجموعة المعادن الرئيسية.
ومع ذلك، قد تختلف نسب هذه المعادن أحيانًا بسبب اختلاف ترتيب تبلورها أثناء التبريد. بينما يكمن الفرق الجوهري في النسيج، الذي يعكس بشكل مباشر سرعة تبريد المادة المنصهرة. فالصخر المتداخل ذو النسيج الخشن يشير إلى تبريد بطيء في الأعماق، بينما الصخر المنبثق ذو النسيج الدقيق أو الزجاجي يدل على تبريد سريع على السطح.
أمثلة على المكافئات المتداخلة في علم الصخور النارية
توجد العديد من الأمثلة الأخرى على المكافئات المتداخلة في علم الصخور النارية. فالجابرو (Gabbro) هو المكافئ المتداخل للبازلت (Basalt). كلاهما يُعتبران صخورًا مافية غنية بالمعادن الداكنة مثل البيروكسين والأوليفين والبلاجيوكلاز، إلا أن الجابرو يتميز بنسيجه الخشن بينما البازلت بنسيجه الدقيق.
وبالمثل، فإن الجرانيت (Granite) هو المكافئ المتداخل للريوليت (Rhyolite). حيث يشترك هذان الصخران في كونهما فلسيين غنيين بالكوارتز والفلسبار القلوي والبلاجيوكلاز، لكن الجرانيت ذو نسيج خشن والريوليت ذو نسيج دقيق.
إقرأ أيضا:يُعَدُّ إقليم خراسان مركزًا لانطلاق الحركة العباسية صواب خطأمثال آخر هو الديوريت (Diorite)، الذي يمثل المكافئ المتداخل للأنديسايت (Andesite). يتميز كلاهما بتركيب متوسط يحتوي على بلاجيوكلاز وأمفيبول وبيروكسين، مع اختلاف في النسيج حيث يكون الديوريت خشن الحبيبات والأنديسايت دقيق الحبيبات.
ما هو صخر الكوماتيت؟
يُعرف صخر الكوماتيت بأنه صخر ناري بركاني (منبثق) نادر وقديم جدًا، يُشتق أصله من وشاح الأرض . يتميز الكوماتيت بتركيبه الكيميائي الفريد الذي يتضمن نسبة منخفضة من السيليكا (SiO2)، والبوتاسيوم (K2O)، والألومينا (Al2O3)، ولكنه يحتوي على نسبة عالية إلى عالية جدًا من أكسيد المغنيسيوم (MgO).
وبسبب هذه الخصائص، يُصنف الكوماتيت ضمن مجموعة الصخور فوق المافية (ultramafic)، التي تحتوي على أقل من 45% من السيليكا ونسبة عالية من المغنيسيوم والحديد. كما يُعتبر من الصخور البيكرية (picritic rock) نظرا لارتفاع نسبة أكسيد المغنيسيوم فيه، التي تتجاوز 18%.
يتكون صخر الكوماتيت في حالته البركانية الأصلية بشكل أساسي من معدني الأوليفين الغني بالمغنيسيوم (فورستريت Fo90 وما فوق) والبيروكسين الكلسي (غالبًا ما يكون من النوع الكرومي)، بالإضافة إلى الأنورثيت (An85 وما فوق) والكروميت. وقد تظهر العديد من عينات الكوماتيت نسيجًا تراكبيًا (cumulate texture) يتكون عادةً من الأوليفين الغني بالمغنيسيوم².
تشكل الكوماتيت من صهارة شديدة السخونة، حيث تزيد درجة حرارة ثورانها عن 1600 درجة مئوية، وهي أعلى بكثير من درجة حرارة ثوران الصهارة البازلتية التي تتراوح عادة بين 1100 و 1250 درجة مئوية. وكانت هذه الصهارة فائقة السيولة عند ثورانها، مما أدى إلى تكوين تدفقات حممية رقيقة جدًا قد تصل سماكتها إلى 10 مليمترات فقط.
إقرأ أيضا:من مبادئ إدارة النفايات الرقمية زيادة استهلاك المعدات الرقمية والكهربائيةيرتبط وجود الكوماتيت بشكل كبير بالعصر الأركي (Archaean Eon)، الذي يمتد من 4.0 إلى 2.5 مليار سنة مضت، مع وجود عدد قليل جدًا من الأمثلة المعروفة في العصور الجيولوجية اللاحقة.
يُعتقد أن هذا التوزيع الزمني يعكس التبريد التدريجي لوشاح الأرض على مدى مليارات السنين، حيث كانت درجات الحرارة في الوشاح أعلى بكثير في العصر الأركي مما هي عليه اليوم. ويُفترض أن صهارة الكوماتيت قد تشكلت نتيجة لدرجات عالية من الانصهار الجزئي للوشاح.
يتميز مظهر صخر الكوماتيت بوجود نسيج فريد يُعرف باسم نسيج السفينيفكس (spinifex texture)، حيث تظهر بلورات طويلة وإبرية الشكل من الأوليفين (أو معادن متحولة حلت محل الأوليفين) تعطي الصخر مظهرًا شبيها بالشفرات، خاصة على السطح المتجوّي.
وقد تظهر بعض عينات الكوماتيت أيضا هياكل الحمم الوسائدية (pillow lava structure) وحواف علوية متكسرة ذاتيًا (autobrecciated upper margins)، مما يشير إلى أن بعض ثورانات الكوماتيت قد حدثت تحت الماء.
وعادة ما يكون لون الكوماتيت داكنًا مع مسحة خضراء قوية بسبب وجود الأوليفين والبيروكسين . ومن الجدير بالذكر أنه نظرًا لندرته في حالته الأصلية، فإن معظم الكوماتيت المعروف قد تعرض للتحول (metamorphosed) ويُطلق عليه تقنيًا اسم “ميتاكوماتيت” (metakomatiite).
ما هو صخر البيريدوتيت؟
يُعرف صخر البيريدوتيت بأنه صخر ناري متداخل (باطني) خشن الحبيبات، يتميز بكونه كثيفًا وثقيلاً . ويُصنف البيريدوتيت أيضا ضمن الصخور فوق المافية نظرًا لاحتوائه على أقل من 45% من السيليكا ونسبة عالية من المغنيسيوم والحديد. ويُعتبر المكون الرئيسي للجزء العلوي من وشاح الأرض.
يتكون صخر البيريدوتيت بشكل أساسي من معادن السيليكات الأوليفين والبيروكسين. ولكي يُصنف الصخر على أنه بيريدوتيت، يجب أن يشكل الأوليفين 40% أو أكثر من الحجم الكلي للمعادن المافية الأربعة الرئيسية الموجودة فيه (الأوليفين، الأورثوبيروكسين، الكلينوبيروكسين، والهونبلند). وقد يحتوي على كميات قليلة من الفلسبار، عادة ما تكون أقل من 10%.
وتتضمن الأنواع الفرعية من البيريدوتيت: الدونيت (Dunite) الذي يتكون بشكل شبه كامل من الأوليفين، والهارتسبورجيت (Harzburgite)، والليرزوليت (Lherzolite)³.
يتكون صخر البيريدوتيت تحت سطح الأرض نتيجة للتبريد البطيء للصهارة . ويوجد في عدة بيئات جيولوجية رئيسية، بما في ذلك تداخله مع صخور غنية بالحديد والجير والمغنيسيا في الأجزاء السفلية من المجمعات النارية الطبقية، وفي سلاسل الجبال ذات النوع الألبي على شكل كتل غير منتظمة غنية بالأوليفين، مع أو بدون وجود صخر الجابرو المرتبط به، وفي الأنابيب البركانية. كما يمكن العثور عليه كشظايا (xenoliths) تحملها الصهارة من الوشاح إلى السطح في صخور أخرى مثل البازلت والكمبرليت.
يتميز مظهر صخر البيريدوتيت بنسيج خشن الحبيبات (فانيريت) حيث تكون البلورات المعدنية مرئية بالعين المجردة . وغالبًا ما يكون لونه داكنًا مع وجود بلورات خضراء مميزة بسبب محتواه العالي من الأوليفين. وعند تعرضه للعوامل الجوية، قد يظهر مظهرًا بنيًا بسبب تكون أكاسيد الحديد.
ويمكن أن تتراوح ألوان البيريدوتيت من الأخضر المصفر الترابي إلى الأخضر الداكن، وقد يظهر أيضًا بألوان أخرى مثل الأزرق والبني والأحمر.
لماذا يعتبر صخر البيريدوتيت المكافئ المتداخل لصخر الكوماتيت
بناء على البحث المستفيض، يمكن التأكيد على أن صخر البيريدوتيت يعتبر المكافئ المتداخل الأكثر شيوعا لصخر الكوماتيت، وذلك لعدة أسباب رئيسية:
- أولا، التشابه الكبير في التركيب الكيميائي حيث يعتبر كلا الصخرين في كونهما فوق مافيين، مما يعني أنهما غنيان بالمغنيسيوم ومنخفضان في نسبة السيليكا.
- ثانيا، التشابه في التركيب المعدني الرئيسي وذلك بسبب تكون كل منهما بشكل أساسي من معدني الأوليفين والبيروكسين.
- ثالثا، الاختلاف في النسيج الناتج عن معدل التبريد وهو ما يميز بين الصخور المنبثقة والمتداخلة.
- رابعا، العلاقة الجينية المحتملة حيث يُعتقد أن صهارة الكوماتيت والبيريدوتيت مشتقة من نفس مصدر الصهارة في الوشاح العلوي للأرض.
- أخيرا، شمولية مصطلح “بيريدوتيت” حيث يشمل مجموعة متنوعة من الصخور فوق المافية المتداخلة التي تختلف في نسب الأوليفين والبيروكسين.
خاتمة
في ختام مقالنا، نؤكد أن المكافئ المتداخل لصخر الكوماتيت هو البيريدوتيت، وذلك بناءً على التشابه الكبير في التركيب الكيميائي والمعدني بينهما، بالإضافة إلى العلاقة الجينية المحتملة بينهما.
ومع ذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا أن مفهوم المكافئ المتداخل هو تبسيط لعملية جيولوجية معقدة، وأن العلاقة بين الصخور النارية المنبثقة والمتداخلة قد لا تكون دائمًا واضحة أو مباشرة.