انشدك عن شي له الناس ترتاح
القرآن الكريم
شرح الإجابة:
إن الجواب يتجاوز كونه مجرد كلمة، ليمثل مفهوماً عميقاً متجذراً في وجدان الإنسان. فالراحة التي يمنحها القرآن الكريم ليست راحة جسدية مؤقتة، بل هي حالة من السكينة تغمر الروح وتهدئ من اضطراب الفكر. إنها حالة فريدة من السكينة والطمأنينة تنبع من اتصال المخلوق بخالقه، حيث يجد الإنسان في آياته إجابات للأسئلة الوجودية الكبرى التي تؤرق النفس البشرية، فيشعر بالأمان واليقين في عالم يموج بالشكوك والمتغيرات.
وعلى هذا الأساس، لا يقتصر دوره على كونه كتاباً يُقرأ للبركة فحسب، بل هو منهج حياة متكامل يرسم للإنسان خارطة طريق واضحة. فهذا الكتاب يقدم مبادئ وأسساً لتنظيم علاقة الفرد بنفسه، وبمجتمعه، وبالكون من حوله. ومن هذا المنطلق، فإن الوضوح في الهدف والغاية الذي يوفره يزيل عن كاهل الإنسان عبء الحيرة والتخبط، ويمنحه شعوراً بالاستقرار والثبات، إذ يعلم أن لكل فعل غاية ولكل تضحية جزاء.
فضلاً عن ذلك، يتجلى أثر القرآن في كونه الشفاء للصدور، وذلك من خلال ما يحتويه من القصص القرآني الذي يعرض تجارب الأمم السابقة والأنبياء. فعندما يقرأ الإنسان عن صبر أيوب، أو ثبات إبراهيم، أو حكمة يوسف، يجد في قصصهم سلوى وعزاءً وتثبيتاً لقلبه. فهو يدرك أنه ليس وحده في مواجهة تحديات الحياة، وأن هناك نمطاً إلهياً ثابتاً في نصرة الحق وأهله، مما يبعث في نفسه الأمل والرضا.
إقرأ أيضا:الجسم الساكن يبقى ساكناً والجسم المتحرك يبقى متحركاً مالم تؤثر فيه قوة تغير من حالتهثم إن الأثر النفسي لتلاوة القرآن والاستماع إليه يمثل بعداً آخر من أبعاد الراحة، فالتركيبة اللغوية والصوتية للآيات تتجاوز حدود الفهم العقلي لتصل إلى أعماق الوجدان. إن هذا الإعجاز اللغوي الذي يتسم به الوحي الإلهي، بنظمه الفريد وإيقاعه الصوتي الأخاذ، له تأثير مباشر في تهدئة الأعصاب وتصفية الذهن، وهي حقيقة يقر بها كل من جعل للقرآن نصيباً من يومه ووقته.
وفي نهاية المطاف، فإن أعمق صور الراحة التي يقدمها القرآن تكمن في الهداية الربانية التي تبشّر بمستقبل أبدي عادل. ففكرة وجود حياة أخرى بعد الموت، ووجود يوم القيامة الذي تُقام فيه الموازين بالقسط، تمنح الإنسان راحة مطلقة. إنها تطمئنه بأن معاناته ليست عبثية، وأن العدل الإلهي سيتحقق، وأن هناك غاية نهائية تنتظره عند الخالق، وهذا اليقين هو ذروة الطمأنينة التي لا يمكن لأي شيء آخر في الوجود أن يمنحها.
إقرأ أيضا:لا يمكن برمجة الكائن في بيئة سكراتش للقيام بإجراء معين صواب خطأ