أي مدرسة فكرية أسسها الفيلسوف الصيني لاو تزو؟
الإجابة: الطاوية
شرح الإجابة:
إن المدرسة الفكرية التي أرست دعائمها حكمة الفيلسوف الصيني الغامض لاو تزو، هي الطاوية، وهي ليست مجرد فلسفة، بل رؤية متكاملة للكون والحياة. لقد ترك لاو تزو بصمته الخالدة في كتاب صغير وعميق يُعرف باسم “تاو تي تشينغ”، والذي يُعد الدستور الأساسي لهذا التيار الفكري الذي امتد تأثيره لآلاف السنين في الصين القديمة وما وراءها.
وجوهر هذه المدرسة يكمن في مفهوم “الطاو”، وهي كلمة يصعب ترجمتها حرفياً، لكنها تشير إلى “الطريق” أو المبدأ الأزلي الذي يحكم الكون بأسره. لا يمكن رؤية الطاو أو لمسه، لكنه القوة الكامنة وراء حركة الكواكب، وتعاقب الفصول، وتدفق الأنهار. إنه النظام الطبيعي المطلق الذي تتجلى فيه ثنائية الين واليانغ، حيث تتوازن الأضداد كالنور والظلام، والقوة والضعف، لتخلق انسجاماً كونياً بديعاً.
ومن هنا، فإن الهدف الأسمى للإنسان في المنظور الطاوي هو تحقيق التناغم مع هذا التدفق الطبيعي، وهو ما يُعرف بمبدأ “وو وي”. هذا المفهوم لا يعني الكسل أو الخمول، بل يعني “الفعل بلا جهد” أو “العمل المنسجم مع الطبيعة”، كالبحّار الماهر الذي لا يصارع الأمواج بل يستخدم قوتها لدفع قاربه. إنها دعوة للتخلي عن الطموح المفرط والمقاومة العقيمة لتيار الحياة، وتبني قيم جوهرية مثل البساطة في العيش والتواضع في التعامل.
إقرأ أيضا:المقارنة بين كميتين باستعمال القسمة تسمى المعدلولفهم أعمق لفرادة الطاوية، يمكن مقارنتها بـ الكونفوشيوسية التي ظهرت في الحقبة ذاتها تقريباً خلال “فترة المئة مدرسة فكرية”. فبينما ركزت الكونفوشيوسية على البناء الاجتماعي والأخلاق والنظام الهرمي الصارم، انصرفت الطاوية إلى الطبيعة والروحانية والفرد، داعيةً إلى العودة إلى الحالة الفطرية النقية بعيداً عن تعقيدات المجتمع وقوانينه المصطنعة.
إقرأ أيضا:تقاس درجة الحرارة بالترمومترولم يبقَ أثر هذه الفلسفة حبيس النصوص القديمة، بل تغلغل بعمق في نسيج الحضارة الصينية، فألهم فنوناً قتالية مثل “تاي تشي” التي تحاكي بحركاتها السلسة جريان الماء، وأثّر في أسس الطب الصيني التقليدي، وشكّل مع البوذية والكونفوشيوسية الأعمدة الثلاثة الكبرى للفكر الصيني، ليظل صدى حكمته يتردد حتى يومنا هذا.