بأية حجة منعت السيدة الزهراء عليها السلام من ميراثها

بأية حجة منعت السيدة الزهراء عليها السلام من ميراثها؟

شرح الإجابة

عقب انتقال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى، تقدمت ابنته السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، بصفتها وريثته الشرعية الوحيدة، للمطالبة بحقها الطبيعي في الميراث الذي خلّفه والدها، وهو حق تكفله المبادئ العامة للشريعة الإسلامية. بيد أن هذا المسعى واجه عقبة جوهرية شكلت نقطة تحول في تاريخ تلك الحقبة.

إن الحجة التي استُند إليها لمنعها من إرثها تمثلت في رواية حديث نبوي، قُدِّم من قبل الخليفة الأول أبي بكر، ينص على أنه سمع النبي يقول: “نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة”. وبموجب هذا الحديث، فإن كل ما يتركه الأنبياء من أموال وممتلكات، أي التركة النبوية، لا ينتقل إلى ورثتهم كملك خاص، بل يتحول إلى صدقة عامة تُدار لصالح المسلمين.

غير أن هذا المنع لم يمر دون اعتراض، فقد انبثق جوهر الخلاف من أن السيدة الزهراء عليها السلام قابلت هذه الحجة بحجة أقوى وأعلى مرتبة، وهي نصوص القرآن الكريم. لقد استندت في مطالبتها على آيات قرآنية واضحة وصريحة تثبت وقوع التوارث بين الأنبياء وأبنائهم، كقوله تعالى في قصة نبي الله سليمان: “وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ”، وفي دعاء نبي الله زكريا: “فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ”. لقد شكل هذا التعارض الظاهري بين الرواية المنقولة والنص القرآني القطعي محور الجدال.

ولم يكن هذا النزاع مجرد نقاش فقهي نظري، بل ارتبط بأصول مادية محددة، كان أبرزها وأكثرها شهرةً أرض فدك، وهي أرض خصبة وذات قيمة عالية كان النبي قد خصصها لابنته في حياته. بالتالي، فإن القضية تجاوزت البعد المالي لتلامس مكانة أهل البيت وحقوقهم الرمزية والمادية بعد رحيل مؤسس الرسالة.

خلاصة القول، إن الحجة كانت حديثاً واحداً اعتُبر مخصصاً لعموم آية المواريث في القرآن، في مقابل تمسك السيدة الزهراء بظاهر النص القرآني الذي لم يفرق بين نبي وغيره في أحكام الإرث. وقد أسست هذه الواقعة لإرث طويل من النقاشات الفقهية والكلامية حول مسائل كبرى مثل حجية خبر الواحد في مقابل النص القرآني، والعلاقة بين السلطة السياسية متمثلة في الخلافة وحقوق آل النبي.