بدأت فيها الثورة الصناعية فطحل

السؤال: بدأت فيها الثورة الصناعية فطحل

• الإجابة: إنجلترا

شرح الإجابة:

إن تحديد مهد انطلاق الثورة الصناعية لا يقتصر على ذكر اسم بلد، بل هو إبحار في لحظة فارقة غيرت وجه التاريخ البشري إلى الأبد. كانت إنجلترا، في منتصف القرن الثامن عشر تحديداً، هي المسرح الذي بزغ منه فجر عصر الآلة، حيث اجتمعت فيها ظروف فريدة لم تتهيأ لغيرها في ذلك الزمان، لتطلق شرارة تحولٍ لا يزال صداه يتردد في عالمنا اليوم.

ولم يكن هذا التحول الجذري وليد صدفة، بل نتاج تضافر عوامل عدة. فقد حبا الله تلك البلاد بموارد طبيعية هائلة، لا سيما الفحم الحجري وخام الحديد، وهما عصب الصناعة الناشئة. وتزامن هذا مع استقرار سياسي فريد وبيئة مشجعة على الابتكار، أنتجت عقولاً فذة مثل جيمس واط الذي طور المحرك البخاري، ذلك الاختراع الذي شكل القلب النابض لهذه النقلة الحضارية، فمنح البشرية قوة لم تكن تحلم بها من قبل، محرراً الإنتاج من قيود القوة العضلية والحيوانية.

وعلى إثر ذلك، شهدت البنية الاجتماعية والاقتصادية تبدلاً عميقاً. فكانت صناعة النسيج هي القاطرة الأولى، حيث حلت الآلات الضخمة مثل “جيني الغازلة” والنول الآلي محل الأنوال اليدوية البسيطة، مما أدى إلى إنتاج ضخم للمنسوجات القطنية. وقد استدعى هذا التحول هجرة واسعة من الأرياف إلى المدن التي تضخمت حول المصانع الجديدة، فنشأت طبقات اجتماعية جديدة كالطبقة العاملة والبرجوازية الصناعية، وتغير نمط الحياة بشكل لا رجعة فيه.

وهكذا، فإن الشرارة التي انطلقت من مصانع النسيج ومناجم الفحم في إنجلترا لم تلبث أن انتشر لهيبها سريعاً، فعبرت القنوات المائية إلى أوروبا ثم المحيطات إلى أمريكا وبقية أرجاء المعمورة. لقد كانت تلك اللحظة البريطانية نقطة تحول كبرى، دشنت الانتقال من الاقتصاد الزراعي إلى الاقتصاد الصناعي العالمي، ورسمت ملامح العالم الحديث الذي نعيش فيه بتعقيداته وابتكاراته.