أقسام المقالة
الإجابة باختصار على سؤال “تساعد مهارات التفكير الناقد في التخلص من التعصب صواب خطأ” وبكل تأكيد هي: صواب.
الفكر الناقد هو أفضل دواء يمكن أن نصفه لعلاج مرض التعصب. قد يبدو الأمر معقدًا، لكنه في الحقيقة أبسط مما نتخيل. دعنا نتعمق في الفكرة خطوة بخطوة.
تخيل أن التعصب مثل ارتداء نظارة تجعل رؤيتك مشوشة وغير واضحة فتجعلك ترى الناس أو الأشياء بطريقة واحدة فقط، غالبًا ما تكون خاطئة أو غير كاملة. أما التفكير النقدي، فهو تلك اليد التي تمسح هذه النظارة وتجعل رؤيتك صافية وحقيقية.
أولاً: ما هو التعصب؟ لنبسّط الأمر
ببساطة، التعصب هو أن تحكم على شخص أو مجموعة من الناس قبل أن تعرفهم حقًا. إنه مثل الحكم على كتاب من غلافه دون أن تقرأ صفحة واحدة منه.
من أين يأتي التعصب؟
غالبًا ما يأتي من الخوف، أو من كلام سمعناه من الآخرين، أو من فكرة نمطية عالقة في أذهاننا (مثلاً: “كل سكان تلك المدينة يتصرفون بنفس الطريقة”). التعصب لا يعتمد على حقائق وأدلة، بل على مشاعر وأفكار مسبقة.
ثانياً: وما هو التفكير الناقد؟ هل هو شيء صعب؟
لا، ليس شيئًا معقدًا أو خاصًا بالعلماء فقط. إنه مهارة من المهارات التي يمتلكها كل شخص ويمكنه تطويرها فهي تشبه أن تكون “محققًا” في عقلك قبل أن تقبل أي فكرة.
إقرأ أيضا:يوم التروية هو اليومإنه يعني أنك:
- تتوقف لحظة: قبل أن تصدق أي شيء تسمعه أو تقرأه.
- تسأل أسئلة: من قال هذا الكلام؟ هل هو مصدر ثقة؟ ما هو دليله؟
- تبحث عن الحقيقة: لا تكتفِ برأي واحد، بل ابحث عن آراء أخرى.
- تفكر في كل الزوايا: لا تنظر إلى القصة من جانب واحد فقط.
كيف يهدم التفكير الناقد جدار التعصب؟
هنا تكمن القوة الحقيقية لأن مهارات التفكير الناقد تهاجم التعصب من جذوره مباشرةً.
إليك كيف يفعل ذلك:
- التعصب يعمّم، والتفكير الناقد يخصص:
- العقل المتعصب يقول: “كل هؤلاء الناس كسالى”.
- العقل الناقد يسأل: “هل هذا صحيح حقًا؟ هل قابلتهم جميعًا؟ أليس من الممكن أن يكون هذا حكمًا غير عادل؟ أنا أعرف فلانًا منهم وهو شخص مجتهد جدًا.”
- النتيجة: التفكير الناقد يكسر التعميم الظالم ويعامل كل شخص كفرد مستقل.
- التعصب يصدق الإشاعات، والتفكير الناقد يتحقق من المصدر:
- العقل المتعصب يقول: “سمعت أنهم يفعلون كذا وكذا…”
- العقل الناقد يسأل: “من أين سمعت هذا الكلام؟ هل هو من مصدر موثوق أم مجرد إشاعة؟ هل هناك أي دليل حقيقي على هذا الادعاء؟”
- النتيجة: التفكير الناقد يعمل كفلتر يمنع الإشاعات والأكاذيب من الوصول إلى عقلك وتكوين صورة خاطئة.
- التعصب يتغذى على المشاعر، والتفكير الناقد يستخدم العقل:
- العقل المتعصب يقول: “أنا أخاف منهم” أو “أنا أكرههم”.
- العقل الناقد يسأل: “لماذا أشعر بهذا الخوف؟ هل هو بسبب تجربة حقيقية أم بسبب أفكار زرعها الآخرون في رأسي؟ هل هناك سبب منطقي لهذا الشعور؟”
- النتيجة: التفكير الناقد يجعلك تتحكم في مشاعرك بدلاً من أن تتحكم هي فيك، ويضع المنطق في مقعد السائق.
- التعصب يرى العالم أبيض وأسود، والتفكير الناقد يرى الألوان:
- العقل المتعصب يقول: “إما أن تكون معي أو ضدي. هم أشرار ونحن طيبون.”
- العقل الناقد يقول: “الحياة أكثر تعقيدًا. هناك جوانب جيدة وسيئة في كل مكان. دعنا نفهم وجهة نظرهم قبل أن نحكم عليهم.”
- النتيجة: التفكير الناقد يفتح عقلك على الأفكار المختلفة ويجعلك أكثر عدلاً وتفهمًا.
مثال من حياتنا اليومية
تخيل أنك تريد شراء سيارة مستعملة.
إقرأ أيضا:هل نطبق فن التعامل مع جميع افراد المجتمع؟- الشخص المتعصب (أو المتسرع): سيرى السيارة وشكلها الجميل، وسيصدق كل كلمة يقولها البائع، ثم يشتريها فورًا.
- الشخص المفكر الناقد: سيقول “لحظة”. سيفحص المحرك، ويأخذها إلى ميكانيكي موثوق، ويبحث عن تاريخ الحوادث، ويقارن سعرها بأسعار السوق. لن يقبل الفكرة (شراء السيارة) حتى يجمع الأدلة الكافية.
هذا بالضبط ما تفعله مهارات المفكر الناقد مع الأفكار التي يسمعها عن الناس. أي إنه يرفض “شراء” فكرة سيئة عن مجموعة من الناس دون فحصها والتحقق منها.
إقرأ أيضا:من الأمثلة على تطبيق إنترنت الأشياء iot في المنزلالخلاصة
إذًا، وبناءا على كل ما تم شرحه خلال الفقرات السابقة نستنتج أن الإجابة هي صواب تساعد مهارات التفكير الناقد في التخلص من التعصب.
فالتفكير الناقد هو أقوى أداة لدينا لمحاربة التعصب ويحررنا من سجن الأفكار المسبقة التي ورثناها أو سمعناها دون تفكير لنكون أكثر عدلاً، وأكثر حكمة، وأكثر إنسانية.
فكلما زاد تفكيرنا، قل تعصبنا. وهذه حقيقة لا جدال فيها.