تصدق الخليفة عثمان بن عفان بقافلته كاملة عندما حدثت مجاعة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

حل سؤال: تصدق الخليفة عثمان بن عفان بقافلته كاملة عندما حدثت مجاعة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

الجواب: صواب.

شرح الإجابة :

تُعد هذه الحادثة من أعظم مواقف البذل والعطاء في التاريخ الإسلامي، وتؤكد صحة العبارة تمامًا. ففي عهد خلافة أبي بكر الصديق، مرت المدينة المنورة وما حولها بأزمة اقتصادية طاحنة عُرفت بـ عام الرمادة، حيث اشتد القحط وعمّ الجفاف وانقطع المطر، مما أدى إلى مجاعة عظيمة أثرت على حياة المسلمين. وفي خضم هذه الشدة، برز دور الصحابة الكرام في التكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين. فكان الخليفة عثمان بن عفان، المعروف بثرائه الكبير والكرم الفياض، يمتلك ثروة طائلة اكتسبها من التجارة، وقد ضرب في هذا الموقف أروع الأمثلة في الإنفاق والمسؤولية الاجتماعية التي حث عليها الإسلام، ليُظهر للعالمين معنى الإيمان الحقيقي الذي يتجاوز الأقوال إلى الأفعال.

في ذروة هذه الأزمة، وصلت إلى المدينة قافلة تجارية ضخمة تخص سيدنا عثمان قادمة من بلاد الشام. كانت القافلة تتكون من ألف بعير محملة بأثمن البضائع التي كان الناس في أمس الحاجة إليها، مثل القمح والدقيق والزيت والزبيب وغيرها من الطعام والمؤن الأساسية. هرع تجار المدينة إلى ذي النورين، رضي الله عنه، وساوموه على شراء هذه الإمدادات، وعرضوا عليه ربح يصل إلى أضعاف مضاعفة عن سعر الشراء، لكنه كان يرفض في كل مرة ويقول لهم: “لقد أُعطيت ربحًا أكثر من هذا”. فتعجبوا وسألوه عن الذي أعطاه هذا الأجر، فأجابهم بأن الله سبحانه وتعالى وعده بعشرة أضعاف، فكانت هذه تجارة رابحة مع الخالق، مما يعكس عمق تقوى هذا الصحابي الجليل والزهد في الدنيا وابتغاء مرضاة الله والثواب العظيم في الآخرة.

بعد أن رأى أمير المؤمنين عثمان بن عفان حال الناس وحاجتهم، أعلن قراره التاريخي الذي خلده التاريخ، حيث وهب وتبرع بالقافلة كاملة بكل ما تحمله لتكون صدقة جارية لـ الفقراء والمساكين والأيتام وكل المحتاجين في المدينة. لم يبع منها شيئًا ولم يأخذ لنفسه درهمًا، بل أنفق كل شيء في سبيل الله ليُساهم في فرج الكربة عن المسلمين.

يُعتبر هذا الموقف مثالًا فريدًا على الإيثار والجود، وتطبيقًا عمليًا لمبادئ الزكاة والصدقة التي هي ركن أساسي في الدين. وأصبح عثمان بهذا الفعل قدوة حسنة لكل غني، وأثبت أن المال الحقيقي هو ما يُبذل في سبيل نيل رضا الله، فاستحق بذلك البركة وسعة الرزق في الدنيا ومكانة رفيعة في السيرة النبوية وتاريخ عهد الخلفاء الراشدين.