العلم والتقنية يقدمان لنا خدمات جمة في شتى مناحي الحياة، بدءًا من أبسط الأمور اليومية وصولًا إلى أعقد العمليات الجراحية. لنركز الآن على مساهمتين بارزتين لهما علاقة مباشرة بصحة الإنسان وهما: تطوير طرائق الجراحة، وصناعة أدوية جديدة.
في الماضي، كانت الجراحة تجربة مرعبة. تخيل أن تجرى عملية جراحية دون تخدير فعال أو أدوات دقيقة! الألم كان لا يطاق، والاحتمالات واردة لحدوث مضاعفات خطيرة. لحسن الحظ، تغير هذا الواقع جذريًا بفضل التقدم العلمي والتقني.
فمثلًا، ظهرت تقنيات جديدة مثل الجراحة طفيفة التوغل، والتي تعتمد على إدخال أدوات دقيقة جدًا عبر شقوق صغيرة في الجسم. هذه الطريقة تقلل من حجم الجروح، وبالتالي تخفف الألم، وتقلل مدة التعافي، وتترك ندوبًا أقل. تخيل الفرق بين عملية جراحية تقليدية تترك جرحًا كبيرًا وعملية أخرى لا تترك سوى بضعة آثار صغيرة بالكاد ترى! هذا التطور يمثل نقلة نوعية حقيقية في عالم الجراحة.
ولم تتوقف الإسهامات عند هذا الحد، بل ظهرت الروبوتات الجراحية التي تساعد الجراحين على إجراء عمليات معقدة بدقة متناهية. هذه الروبوتات قادرة على الوصول إلى مناطق يصعب الوصول إليها بالطرق التقليدية، كما أنها تقلل من الارتعاشات اليدوية التي قد تحدث للجراح أثناء العملية. هذه التقنية تزيد من فرص نجاح العمليات وتقلل من المخاطر المحتملة.
وبالحديث عن المخاطر، لا يمكننا إغفال دور التصوير الطبي المتطور. فقبل إجراء أي عملية، يتم استخدام تقنيات مثل الأشعة السينية، التصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي المحوسب للحصول على صورة واضحة ومفصلة للأعضاء الداخلية. هذه الصور تساعد الجراح على التخطيط للعملية بدقة، وتحديد أفضل طريقة للوصول إلى المنطقة المستهدفة، وتجنب الأضرار المحتملة للأنسجة المحيطة.
إقرأ أيضا:الجُرْح هو تمزق في الجلد يؤدي الي خروج الدم من الجسم. صواب خطأأما المساهمة الأخرى الهامة للعلم والتقنية في تحسين صحتنا فهي صناعة الأدوية الجديدة. في الماضي، كانت العديد من الأمراض تعتبر قاتلة أو مزمنة، ولا يوجد لها علاج فعال. ولكن بفضل الأبحاث العلمية والتجارب الدقيقة، تمكن العلماء من تطوير أدوية جديدة تعالج هذه الأمراض أو تخفف من أعراضها بشكل كبير.
فمثلًا، في مجال الأمراض المعدية، تم تطوير المضادات الحيوية التي تقضي على البكتيريا المسببة للعدوى. هذه المضادات الحيوية أنقذت حياة الملايين من الناس، وقللت من انتشار الأمراض المعدية بشكل كبير. ولكن يجب أن نكون حذرين في استخدامها، فالإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى ظهور سلالات مقاومة من البكتيريا، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة.
وفي مجال الأمراض المزمنة، تم تطوير أدوية جديدة تتحكم في مستوى السكر في الدم لدى مرضى السكري، وأدوية تخفض ضغط الدم لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم، وأدوية تقلل من مستوى الكوليسترول في الدم لدى مرضى ارتفاع الكوليسترول. هذه الأدوية تساعد المرضى على العيش حياة طبيعية وصحية، وتقلل من خطر الإصابة بمضاعفات خطيرة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فالعلماء يعملون باستمرار على تطوير أدوية جديدة لعلاج السرطان، والزهايمر، وباركنسون، وغيرها من الأمراض المستعصية. الأبحاث في مجال العلاج الجيني والخلايا الجذعية تحمل آمالًا كبيرة في إيجاد علاجات جذرية لهذه الأمراض في المستقبل.
إقرأ أيضا:يرغب خالد في إنفاق 195 ريالا في مركز تجاري فاشترى قميصا بمبلغ 75 ريالا وحزاما بمبلغ 42 ريالا فإذا أراد أن يشتري بنطالابالإضافة إلى ذلك، ساهمت التقنية في تطوير طرق مبتكرة لإيصال الأدوية إلى الجسم. فبدلًا من تناول الأقراص والحقن، يمكن الآن استخدام اللاصقات الدوائية التي تطلق الدواء ببطء عبر الجلد، أو الاستنشاق الذي يوصل الدواء مباشرة إلى الرئتين. هذه الطرق تجعل تناول الدواء أسهل وأكثر فعالية، وتقلل من الآثار الجانبية المحتملة.
إذًا، يتضح لنا الدور المحوري الذي يلعبه العلم والتقنية في تحسين صحتنا. فمن خلال تطوير طرائق الجراحة وصناعة الأدوية الجديدة، يساهم العلم والتقنية في إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة وتحسين نوعية الحياة للجميع.