حرب الجيل الرابع هي حرب بالإكراه لإفشال الدولة وزعزعة إستقرارها ثم فرض واقع جديد يراعي مصالح

السؤال: ما هو مفهوم حرب الجيل الرابع، وكيف تعمل على إفشال الدول؟

• الإجابة: حرب الجيل الرابع هي حرب بالإكراه لإفشال الدولة، وزعزعة استقرارها ثم فرض واقع جديد يراعي مصالح العدو.

شرح الإجابة:

دعنا نتأمل بعمق في هذا النمط الجديد من الصراعات، فهو لا يشبه الحروب التقليدية التي تتقابل فيها الجيوش في ساحات معارك واضحة. إن حروب الجيل الرابع تمثل تحولاً جذرياً في مفهوم المواجهة، حيث يصبح خط الجبهة ممتداً ليشمل كل شبر من أرض الوطن المستهدف، وتغدو الدولة ذاتها، بكيانها ومؤسساتها وثقة شعبها، هي الهدف الاستراتيجي الأول والأخير، وليس جيشها فحسب.

ولتحقيق هذه الغاية، تعتمد القوة المعتدية على تكتيكات خفية ومعقدة تهدف إلى تآكل الدولة من الداخل كالسوس الذي ينخر في الخشب. يتم ذلك عبر إشعال الفتن الداخلية واستغلال الانقسامات العرقية أو الدينية أو السياسية الموجودة أصلاً في المجتمع، ومن ثم تضخيمها عبر آلات إعلامية ضخمة وشبكات تواصل اجتماعي توجه الرأي العام. ينتج عن ذلك حالة من انعدام الثقة المطلق بين المواطن ومؤسسات دولته، من أجهزتها الأمنية إلى نظامها القضائي، مما يؤدي إلى انهيار منظومة الولاء الوطني الجامعة.

والمنعطف الحاسم يكمن في طبيعة الأطراف المنفذة لهذه الحرب، فهي غالباً لا تكون جيوشاً نظامية ترفع أعلامها، بل مجموعات وميليشيات محلية، أو منظمات غير حكومية ذات أجندات مشبوهة، أو حتى تيارات فكرية متطرفة يتم تمويلها وتوجيهها عن بعد. هذا الأسلوب يجعل من الصعب على الدولة المستهدفة تحديد العدو الحقيقي ومواجهته مباشرة، فهي تجد نفسها في حرب أهلية أو فوضى داخلية تبدو وكأنها نابعة من صراعات محلية، بينما هي في حقيقة الأمر أداة في يد قوة خارجية تدير المشهد من خلف الستار.

وعندما تصل الدولة إلى هذه المرحلة من الوهن والتفكك المجتمعي، وتفقد احتكارها لاستخدام القوة، وتنهار سلطتها المعنوية، تكون قد أصبحت مهيأة تماماً للمرحلة الأخيرة. في هذه اللحظة، تتدخل الجهة المعتدية لفرض “واقع جديد” يخدم أهدافها. قد يكون هذا الواقع هو تنصيب حكومة موالية لها، أو الاستحواذ على الموارد الطبيعية الاستراتيجية للدولة المنهارة، أو ضمان تحييدها كقوة إقليمية منافسة. وهكذا، يتحقق النصر للعدو دون أن يطلق رصاصة واحدة مباشرة أو يرسل جندياً واحداً عبر الحدود، بل عبر تفكيك إرادة الأمة وتدمير كيان الدولة من أساسه.