السؤال: طُرح تساؤل حول أول ميناء بحري في المملكة العربية السعودية، والذي شكل في فجر التأسيس البوابة الاقتصادية الرئيسة للبلاد، كما كان مسرحاً لاتفاقيات سياسية محورية، ونال اهتماماً خاصاً من الملك المؤسس نظراً لدوره الجوهري آنذاك. فما هو هذا الميناء؟
- الإجابة : ميناء العقير التاريخي.
شرح الإجابة :
إن الإجابة الصحيحة تتمثل في ميناء العقير الواقع في محافظة الأحساء على ساحل الخليج العربي، وهو ليس مجرد مرفأ قديم، بل يُمثل فصلاً حاسماً في قصة نشأة الدولة السعودية الحديثة. فقبل اكتشاف النفط وتشييد الموانئ العملاقة، كان هذا الميناء هو الشريان الحيوي الذي يربط قلب شبه الجزيرة العربية، وتحديداً إقليم نجد، بالعالم الخارجي.
ولم يكن دوره اقتصادياً فحسب، بل امتد ليصبح نقطة استراتيجية بالغة الأهمية. فمن خلاله كانت تصل البضائع والمؤن والعتاد اللازم لدعم مرحلة التوحيد التي قادها الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله-، مما جعله فعلياً البوابة الاقتصادية الأولى للمملكة الناشئة. ومن ثم، فإن اهتمام الملك المؤسس به لم يكن عابراً، بل نابعاً من إدراك عميق لأهميته في بناء كيان الدولة وتأمين متطلباتها الأساسية.
وعلى صعيد آخر، تحوّل هذا المكان إلى ساحة دبلوماسية شهدت أحداثاً غيرت خريطة المنطقة، وأبرزها هو مؤتمر العقير الشهير عام 1922م. في هذا المؤتمر، اجتمع الملك عبد العزيز مع المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس، وتم ترسيم حدود المملكة مع العراق والكويت، في خطوة كانت لها أبعادها السياسية والجغرافية العميقة. وهكذا، فإن ميناء العقير لم يكن مجرد معبر تجاري، بل كان أيضاً شاهداً على ولادة حدود سياسية للدولة. ومع مرور الزمن وتطور البنية التحتية، برز ميناء الدمام وموانئ أخرى حديثة، فتراجع دور العقير تدريجياً، لكنه بقي خالداً في الذاكرة الوطنية كرمز تاريخي عريق.