حل لغز جملنا بالارض بارك وذيله بالسما يعارك

السؤال: حل لغز جملنا بالارض بارك وذيله بالسما يعارك

شرح الإجابة:

يتجلى هذا اللغز بوصفه تحفة بلاغية تعتمد على الاستعارة التصويرية لتجسيد ظاهرة طبيعية مألوفة. إن مفتاح الفهم لا يكمن في التحليل الحرفي للكلمات، بل في إدراك الصور الذهنية التي ترسمها، حيث يتم تشبيه النار بكائن حي له هيئة وسلوك، وهو أسلوب فذ في تحويل المفهوم المجرد إلى صورة محسوسة.

فأما الشق الأول من اللغز، “جملنا بالأرض بارك”، فهو يصور بدقة متناهية قاعدة اللهب. “الجمل” هنا هو كتلة النار المشتعلة، و”بروكه” على الأرض يمثل استقرار مركز الاحتراق واتصاله بمصدر الوقود، سواء كان حطباً أو غيره. إنها صورة الجمر المتوهج وقاعدة اللهب الثابتة التي تبدو وكأنها كائن قوي قد استقر على الأرض، راسخاً في مكانه ومسيطراً على محيطه المباشر.

وفي المقابل، ينتقل بنا الشق الثاني، “وذيله بالسما يعارك”، إلى الجزء الأكثر حركة وديناميكية في هذه الظاهرة. “الذيل” ما هو إلا عمود الدخان المتصاعد، ووصفه بأنه “يعارك” السماء هو تعبير عبقري يصف حركته المضطربة وتمايله وتصارعه مع تيارات الهواء أثناء صعوده. هذه المعاركة ليست مجرد ارتفاع سلبي، بل هي حركة نشطة، عنيفة أحياناً، تعكس قوة عملية التحول من المادة الصلبة إلى نواتج غازية تتلاشى في الفضاء الواسع.

وبهذا التناقض البديع بين استقرار القاعدة الأرضية (بروك الجمل) والفوضى الصاعدة نحو السماء (معاركة الذيل)، يكتمل المشهد. يربط اللغز ببراعة بين جزأي عملية الاحتراق في صورة واحدة متكاملة: المصدر الساكن للقوة والحرارة على الأرض، والأثر المتحرك المتلاشي في السماء، ليقدم بذلك إجابة منطقية وفنية في آن واحد، وهي النار بكل ما تحمله من قوة وتحول.