حل لغز ساكن قبر طعامه فوق رأسه إن أكل من هذا الطعام يقوم ويمشي يتكلم وهو صامت ويعود لذلك القبر فما هو
الإجابة: قلم الحبر.
شرح الإجابة:
إن تفكيك هذا اللغز يكشف عن عبقرية في استخدام الاستعارات لوصف أداة يومية نغفل عن تأملها. فاللغز لا يطرح مجرد سؤال، بل يرسم لوحة فنية بالكلمات، ويحول شيئاً جامداً إلى كائن حي له دورة حياة متكاملة. “ساكن القبر” هو قلم الحبر في حالة سكونه، و”قبره” ليس إلا الغطاء الذي يحمي رأسه ويحفظه من الجفاف، فهو مكمنه وملاذه الآمن الذي ينتظر فيه لحظة استدعائه لأداء مهمته.
وينتقل بنا اللغز من السكون إلى الحركة عبر مفهوم الغذاء. فـ”طعامه فوق رأسه” هو وصف دقيق لمخزون الحبر الذي يملأ جسد القلم، وهو المصدر الذي يمنحه القدرة على الفعل. وعندما “يأكل” من هذا الطعام، أي عندما يبدأ الحبر بالتدفق عبر سنه الدقيق، “يقوم ويمشي” على امتداد الورق، راسماً خطوطاً وحروفاً، ومحولاً السطح الأبيض الفارغ إلى مساحة تحمل معنى وفكرة، فهذه المسيرة ليست عشوائية، بل هي مسيرة هادفة تترك أثراً باقياً.
وهنا نصل إلى المفارقة الأعمق: “يتكلم وهو صامت”. هذه الأداة لا تملك أحبالاً صوتية، ولا تصدر ضجيجاً، لكنها من أعظم وسائل التعبير البشري. صمتها مادي، لكن كلامها فكري ومعنوي، فهي تنقل الأفكار من عقل الكاتب إلى وعي القارئ، وتجسد المعرفة والقصص والمشاعر على هيئة كلمات مرئية. إنه حديث من نوع خاص، حديث يتجاوز حدود الزمان والمكان، ويبقى شاهداً حتى بعد فناء الأصوات.
إقرأ أيضا:يصعب تشكل الاحافير على الارض في الوقت الحاضر صواب خطأوبهذا تكتمل الدورة الحياتية لهذا الكائن الرمزي. فبعد أن يفرغ شحنته من الكلام الصامت وينهي رحلته على الورق، “يعود لذلك القبر”. هذه العودة إلى غطاء القلم ليست نهاية، بل هي استراحة محارب، وحفظ للطاقة إلى حين الحاجة إليها مجدداً. إنها حركة منظمة تعكس طبيعة استخدامه، فهو يُستدعى لغرض، ويُعاد لمكانه عند انتهاء الغرض، في دورة متكررة من الفعل والسكون.
إقرأ أيضا:مجالات التطور التقني في سوق العمل تشمل الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، والتسويق الرقمي. صواب خطأفي المحصلة النهائية، هذا اللغز ليس مجرد تسلية عقلية، بل هو دعوة لإعادة النظر في الأشياء من حولنا. إنه يبرهن كيف يمكن للغة أن تمنح روحاً للجمادات، وكيف أن أداة بسيطة مثل القلم هي في جوهرها محرك أساسي في بناء الحضارة الإنسانية، فهي الذاكرة الصامتة التي حفظت لنا علوم الأولين، والوسيط الذي لا يزال ينقل أفكارنا إلى المستقبل.