حل لغز شي يمر عليك ولا تشوفه

حل لغز شي يمر عليك ولا تشوفه

شرح الإجابة

إن الإجابة على هذا اللغز، الهواء، تفتح أمامنا نافذة على حقيقة عميقة؛ فالأشياء الأكثر ضرورة لوجودنا قد تكون هي ذاتها التي لا تدركها أبصارنا. فالهواء يحيط بنا من كل جانب، ويمر عبرنا ومعنا في كل لحظة، لكنه يظل خفياً عن حاسة البصر. والسبب في ذلك يكمن في طبيعته المادية، فهو يتألف من جزيئات متناهية في الصغر ومتباعدة عن بعضها البعض، مما يجعله شفافاً تماماً فلا يعكس الضوء أو يحجبه بالطريقة التي تفعلها الأجسام الصلبة أو السائلة.

ومن ثم، ننتقل إلى تركيب هذا الكيان الخفي، فهو ليس فراغاً بل مزيج دقيق من الغازات، يمثل النيتروجين النسبة الأكبر فيه، ويليه الأكسجين الذي لا غنى عنه في عملية التنفس واستمرار الحياة. هذه العناصر، رغم أهميتها القصوى، هي في حالتها الطبيعية غازات عديمة اللون والرائحة، مما يرسخ فكرة مرورها بجانبنا دون أن نلحظها بحواسنا المباشرة، فهي شريك صامت في كل نفس نأخذه.

غير أن عدم رؤيتنا للهواء لا ينفي وجوده المادي المحسوس. فنحن نشعر بمروره حين يتحرك، وهذا ما نسميه الرياح. إن النسيم اللطيف الذي يلامس وجوهنا أو العاصفة القوية التي تقتلع الأشجار، كلاهما دليل قاطع على وجود هذه الكتلة الهوائية وقوتها. بل إننا نعيش تحت وطأة ضغط الهواء الذي يؤثر على أجسادنا وكل شيء حولنا، وهو برهان فيزيائي آخر على أن هذا الشيء الذي لا نراه يمر ويمارس تأثيراً حقيقياً ومستمراً.

وبالانتقال من تأثيره المباشر إلى دوره كوسط، نجد أن الهواء ليس مجرد غلاف يمر بنا، بل هو البيئة التي نعيش ضمنها وتنتقل عبرها أساسيات تواصلنا مع العالم. فالأصوات التي نسمعها ما هي إلا اهتزازات تنتقل إلينا عبر الهواء، ولولاه لساد صمت مطبق. إنه يشكل الجزء الأدنى من الغلاف الجوي، الدرع الذي يحمي كوكبنا، وهو بذلك لا “يمر عليك” فحسب، بل أنت مغمور فيه تماماً، يمر في رئتيك ومع أذنيك وفي كل فراغ حولك.

وفي نهاية المطاف، يصبح لغز “شيء يمر عليك ولا تشوفه” أكثر من مجرد سؤال للتسلية، بل هو دعوة للتفكر في الفارق بين “الرؤية” و”الإدراك”. فالهواء هو المثال الأوضح على أن الوجود لا يقتصر على ما تراه العين، وأن أعظم مقومات الحياة وأكثرها حضوراً قد تكون هي الأكثر خفاءً. إنه يمر عليك كتيار من الحياة، صامت، غير مرئي، ولكنه القوة التي تجعل كل شيء آخر ممكناً.