حل لغز طق الباب وفتحت له غمزلي وأنسدحت له دخل فيني وأرتحت له طلع مني ما مليته

السؤال: حل لغز طق الباب وفتحت له غمزلي وأنسدحت له دخل فيني وأرتحت له طلع مني ما مليته

شرح الإجابة:

إن التأمل في هذا اللغز يكشف عن لوحة فنية بديعة تصف بأسلوب مجازي إحدى أكثر التجارب الإنسانية عمقاً وألفة. فالإجابة، وهي “النوم”، لا تأتي ككلمة جامدة، بل كشخصية رمزية تزور الإنسان في كل ليلة. فاللغز هنا لا يقتصر على كونه مجرد أحجية، بل هو تصوير بليغ لرحلة العقل والجسد نحو السكينة والتجدد. يتجلى هذا الزائر في صورة طارقٍ على الباب، في استعارة تمثل بداية الشعور بالنعاس وثقل الجفون، تلك الإشارة التي لا يمكن تجاهلها بأن وقت الراحة قد حان. إنها دعوة فطرية يستجيب لها الكيان البشري طواعية.

ومن ثم، ينتقل بنا هذا التصوير المجازي إلى مرحلة الاستجابة؛ فعبارة “فتحت له غمزلي وأنسدحت له” ترسم بدقة متناهية لحظة الاستسلام اللذيذ لهذا الزائر. “الفتحة” هي إغماض العينين، و”الغمزة” هي تلك الحركة اللاإرادية للجفون المثقلة التي تسبق الدخول في عالم الأحلام، أما “الانسداح” فهو الفعل المادي المتمثل في تهيئة الجسد للاسترخاء التام. هنا تتجلى العلاقة بين الحالة النفسية المتمثلة في الرغبة بالراحة والفعل الجسدي المتمثل في الاستلقاء، حيث يصبح الفراش هو الموضع الذي نستقبل فيه هذا الضيف العزيز بكل ترحاب.

أما ذروة هذه الزيارة فتتبلور في جملة “دخل فيني وأرتحت له”، وهي أعمق أجزاء اللغز وأكثرها تعبيراً عن جوهر النوم. فالدخول هنا ليس مادياً، بل هو استيلاء حالة السكون على الوعي، وانغماس الإنسان في حالة من اللاإدراك التي ينقطع فيها عن العالم الخارجي ومشاغله. إنها حالة الانفصال المؤقت التي تمنح الجسد فرصة لإصلاح نفسه وتجديد طاقته، وتتيح للعقل التخلص من إرهاق اليوم. والشعور بالراحة هو الغاية والمقصد، وهو ذلك السلام الداخلي العميق الذي لا يمنحه إلا نوم هانئ وصحي.

وأخيراً، يختتم اللغز بمشهد الرحيل في عبارة “طلع مني ما مليته”، وهو وصف عبقري للحظة الاستيقاظ. فالنوم، هذا الزائر المؤقت، يغادر مع بزوغ الفجر أو عند اكتمال حاجتنا منه، لكنه يترك خلفه أثراً طيباً وشعوراً بالاشتياق. فقول “ما مليته” يعبر عن تلك الحقيقة الإنسانية المشتركة، وهي أن الراحة والنوم، مهما طالت مدتهما، يظل الإنسان في شوق دائم إليهما، خاصة بعد تجربة نوم مريح ومجدد للنشاط، مما يجعلنا ننتظر عودته في الليلة التالية بفارغ الصبر.