عامل بيته بلا طوب وحوائطه بيضاء كالثلج لا نوافذ فيها ولا أبواب فإذا جذبت الجدران صارت ثيابا فما هو؟
الإجابة: دودة القز.
شرح الإجابة:
إن هذا اللغز ليس مجرد سؤال، بل هو رحلة فكرية إلى عالم الطبيعة المدهش، حيث يتجلى الإبداع في أبهى صوره. الحل يكمن في كائن صغير، لكنه يُعد “عاملاً” ماهراً يبني لنفسه مسكناً فريداً من نوعه. هذا العامل ليس بشراً، بل هو يرقة صغيرة تبدأ رحلتها نحو التحول، والبيت الذي تشيده ليس إلا مرحلة انتقالية في دورة حياتها المعقدة.
يُشير وصف “البيت بلا طوب” إلى الشرنقة التي تنسجها الدودة حول نفسها. هذه الشرنقة، التي تبدو كحصن منيع، لا تتكون من أحجار أو طين، بل تُبنى من مادة عضوية فريدة هي الحرير الطبيعي. أما “الحوائط البيضاء كالثلج”، فهي تصوير دقيق للون خيط الحرير اللامع والنقي الذي تلفه اليرقة حول جسدها بدقة متناهية، مكونةً بذلك جداراً واقياً أملس ومغلقاً بالكامل، بلا أي فتحات أو نوافذ، ليحميها خلال مرحلة التشرنق الحساسة.
وهنا نصل إلى الجزء الأكثر إثارة في اللغز، وهو “فإذا جذبت الجدران صارت ثياباً”. هذه العبارة هي المفتاح الذي يكشف عن هوية العامل. فجدران هذا البيت، أي الشرنقة، ليست سوى خيط حرير واحد متصل قد يبلغ طوله مئات الأمتار. وعندما يقوم الإنسان بفك هذه الشرنقة بعناية، أو “جذب جدرانها”، فإنه يحصل على هذا الخيط الثمين الذي يُستخدم في صناعة أفخر أنواع الأقمشة والملابس عبر التاريخ.
إقرأ أيضا:يبلغ أدنى مستوي لمنطقة منخفض القطارة في مصر 133 مترا تحت سطح البحر بينما يبلغ ارتفاع الجبل الأخضر في ليبيا 624 متراإذن، دودة القز، وهي الطور اليرقي لـ فراشة العث الحريري، هي ذلك الصانع البارع. تتغذى هذه اليرقة بشراهة على أوراق التوت، ثم تستخدم غدد لعابية متحورة لإنتاج بروتين سائل يتصلب بمجرد ملامسته للهواء، مشكلاً بذلك خيط الحرير. إنها عملية بيولوجية وهندسية في آن واحد، حيث يتحول الغذاء إلى مأوى، ثم يتحول المأوى إلى واحد من أثمن المنسوجات التي عرفتها البشرية.
إقرأ أيضا:أنظمة التشغيل تعد من البرامج التطبيقية التي صممت لحل المشاكل العملية في أجهزة الحاسبوفي الختام، يتضح أن حل اللغز يربط بين عالم الأحياء وصناعة النسيج بطريقة بليغة. فكل جزء من اللغز يصف بدقة مرحلة من مراحل إنتاج الحرير، بدءاً من اليرقة العاملة، مروراً بالشرنقة التي هي بيتها وحصنها، وانتهاءً بتحويل هذه الشرنقة إلى ثياب فاخرة. إنه مثال حي على كيف يمكن للطبيعة أن تكون المصنع الأكثر إبداعاً وتعقيداً.