ولي جار يطيب به الجوار، ما اسم الجار؟
الإجابة الصحيحة لهذا اللغز هي: مسعود.
شرح الإجابة
إننا هنا أمام لغز لغوي بديع، حيث لم يترك لنا الشاعر الأمر للتخمين، بل نسج اسم جاره داخل الأبيات الشعرية ذاتها ببراعة فائقة. فالجواب لا يكمن خارج النص، بل هو جزء من تركيبته، وهذا هو جوهر البلاغة العربية التي توظف المعاني الظاهرة لإخفاء مقاصد أكثر عمقاً، معتمدة على ذكاء القارئ وفطنته في استنباط الحل.
ينكشف لنا المفتاح الأول والأكثر وضوحاً في البيت الأخير من القصيدة: “كما إن مس عود الطيب نار”. هنا، استخدم الشاعر فن التورية بعبقرية، فالمعنى القريب هو أن لمس خشب العود بالنار يطلق رائحته الزكية، وهو تشبيه جميل لمعاملة الجار الحسنة. ولكن المعنى البعيد والمقصود هو دمج الكلمتين “مس” و “عود” لتكوين اسم “مسعود” بشكل مباشر، وهو ما يمثل الضربة القاضية في هذه الأحجية الشعرية الفريدة.
ثم ينتقل بنا الشاعر إلى أدلة أخرى لترسيخ الإجابة، فيقول: “وليس له سوى عين أراها”. لا يقصد الشاعر هنا العين المبصرة، بل يشير إلى حرف العين (ع) في الكتابة. وبالنظر إلى اسم “م-س-ع-و-د”، نجد أن حرف العين يتكرر مرة واحدة فقط، مما يؤكد أننا على الطريق الصحيح. ويتوافق هذا مع الشرط الآخر المذكور “حروف خمسة فيها الفخار”، فالاسم مكون من خمسة أحرف بالفعل.
إقرأ أيضا:الشبكة العصبية وسيلة الإحساس في الإسفنجيات. صواب خطأعلاوة على ذلك، يربط الشاعر صفات الجار بمعنى اسمه حين يقول “له من فرحة الناس اشتقاق”. فاسم “مسعود” مشتق لغوياً من أصل كلمة السعادة والسرور، وهو ما يتطابق تماماً مع وصفه بأنه مستمد من فرحة الناس. حتى وصف “له وجه يجلله الوقار” لا يصف ملامح الجار بقدر ما يصف الأثر الذي يتركه اسمه، فالاسم بحد ذاته يحمل وزناً ومكانة واحتراماً.
وهكذا، نرى أن كل بيت في هذا النص الشعري ليس مجرد وصف عابر، بل هو قطعة متقنة في لوحة فسيفساء لغوية متكاملة. فالشاعر لم يكتفِ بذكر اسم جاره، بل فككه إلى عناصره الصوتية (مس عود)، وعدد حروفه، وحرفه المميز، وأصله اللغوي، ثم أعاد تركيب كل هذه العناصر في صورة أبيات شعرية متماسكة، مما يجعل من هذا اللغز مثالاً رائعاً على ثراء وجماليات اللغة العربية.
إقرأ أيضا:ابن أمك و ابن أبيك وليس بأختك ولا بأخيك فمن يكون