حل لغز ما هو الشيء الذي تراه ولا تستطيع قط أن تلمسه نصف اسمه يقتل والنصف الثاني يحيي فما هو

السؤال: ما هو الشيء الذي تراه ولا تستطيع قط أن تلمسه، نصف اسمه يقتل والنصف الثاني يحيي، فما هو؟

شرح الإجابة:

إن تفكيك هذا اللغز يكشف عن براعة لغوية عميقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بظواهر كونية أساسية. فالإجابة، السماء، لا تكمن فقط في تقسيم الكلمة صوتيًا، بل في فهم المعاني المتضادة التي يحملها هذا الامتداد الشاسع فوقنا. إنها معادلة تجمع بين الحياة والخطر في مفهوم واحد نراه كل يوم.

ينطلق بنا التحليل إلى المقطع الأول من الكلمة، “سَم”، وهو لفظ يحيلنا مباشرة إلى فكرة السم القاتل. قد يبدو هذا غريبًا، لكنه يحمل دلالة مجازية وفعلية في آن واحد. فمن جهة، يمكن أن تكون القبة السماوية مصدرًا للخطر، متمثلًا في الصواعق المدمرة التي تهبط منها، أو في الأشعة فوق البنفسجية الضارة القادمة من الشمس والتي يحمينا منها الغلاف الجوي جزئيًا. ومن جهة أخرى، حملت الثقافات القديمة تصورات عن السماء كفضاء غامض قد تنزل منه الأوبئة أو الشرور، مما يرسخ ارتباط الجزء الأول من الاسم بالهلاك.

وعلى النقيض تمامًا، يقودنا المقطع الثاني من الكلمة “ماء” إلى جوهر الحياة ذاتها. فمن هذا الفضاء الأزرق يتنزل الماء، العنصر الذي لا تقوم حياة بدونه. فالسماء هي منبع الأمطار التي تروي الأرض العطشى وتملأ الأنهار والوديان، وهي المسرح الذي تجري فيه دورة المياه الطبيعية بأكملها من تبخر وتكاثف ثم الهطول. وبذلك، يصبح النصف الثاني من الاسم رمزًا مطلقًا للإحياء والنماء واستمرارية وجود النباتات والكائنات الحية.

ثم نأتي إلى الشرط الأول في اللغز: “تراه ولا تستطيع قط أن تلمسه”. هذه العبارة تصف بدقة فائقة طبيعة السماء الفيزيائية. إن ما نراه ليس جسمًا صلبًا أو سطحًا ماديًا يمكن الوصول إليه ولمسه، بل هو إدراك بصري لطبقات الغلاف الجوي الشاسعة التي تبعثر الضوء الأزرق القادم من الشمس. نحن نرى الغيوم تسبح فيه، ونرى لونه يتغير مع أوقات اليوم، لكننا لا نستطيع الإمساك بـ “السماء” نفسها، فهي مفهوم بصري أكثر من كونها شيئًا ملموسًا.

وهكذا، يتجلى لنا أن لغز السماء ليس مجرد تلاعب بالألفاظ، بل هو دعوة للتأمل في الطبيعة المزدوجة لبيئتنا. إنه يجمع في كلمة واحدة بين ما هو ضروري للحياة وما قد يكون سببًا في فنائها، بين ما هو مرئي للعين ومستحيل على اللمس. إنها شهادة على أن اللغة قادرة على اختزال تعقيدات البيئة والكون في تركيب بسيط ومحيّر، يربط بشكل عبقري بين الكلمة ومعناها العميق في العالم الحقيقي.