حل لغز وحسناء خرساء لا تنطق يروقك ملبسها الأزرق وأحسن من كل مستحسن عيون لها في الدجى تبرق

حل لغز وحسناء خرساء لا تنطق يروقك ملبسها الأزرق

شرح الإجابة

إن مفتاح فك شفرة هذين البيتين الشعريين يكمن في تحليل الصور البلاغية التي استخدمها الشاعر ببراعة فائقة. فاللغز لا يصف شخصًا حقيقيًا، بل يستخدم أسلوب التجسيد لمنح كيانٍ جامد صفاتٍ بشرية، وهو هنا يتحدث عن مشهد نراه كل يوم وكل ليلة.

ينطلق الشاعر بوصف “حسناء خرساء لا تنطق”، وهي إشارة بليغة إلى السماء في صمتها المهيب وجمالها الساحر. فهي تمتد فوقنا كلوحة فنية عظيمة، واسعة وشاسعة، لكنها تظل صامتة لا تصدر صوتًا، وهذا الصمت هو جزء من جلالها ووقارها. إنها جمالٌ مطلق لا يحتاج إلى كلمات ليعبر عن نفسه، بل يفرض وجوده بسكونه.

ثم ينتقل الشاعر بمهارة إلى الصورة الثانية عبر وصف “ملبسها الأزرق”، وهذا هو الدليل الأكثر وضوحًا الذي يوجهنا مباشرةً نحو الحل. ففي وضح النهار، يتلون الغلاف الجوي باللون الأزرق نتيجة لظاهرة تشتت ضوء الشمس، فيبدو كأنه ثوب سماوي فسيح يغطي الأفق. هذا “الملبس” الأزرق يسر الناظرين ويوحي بالصفاء والهدوء، وهو أول ما يتبادر للذهن عند ذكر جمال السماء الصافية.

بعد ذلك، يحدث تحول دراماتيكي في المشهد مع حلول “الدجى”، أي شدة الظلام في جوف الليل. هنا يكشف الشاعر عن أروع ما في هذه الحسناء، فيقول: “عيون لها في الدجى تبرق”. هذه العيون المتلألئة ليست سوى النجوم البراقة والكواكب اللامعة التي تزين صفحة السماء المظلمة. إنها تبرق وتومض في أعماق الفضاء السحيق، محولةً سواد الليل إلى مشهد بديع يفوق كل وصف.

في المحصلة، يرسم اللغز لوحة متكاملة لجمال الكون من منظورنا على الأرض، جامعًا بين مشهدي الليل والنهار في صورة فنية واحدة. فالشاعر لم يصف السماء في حالة واحدة، بل قدم دورة كاملة لجمالها المتغير، من ثوبها الأزرق النهاري الساكن، إلى عيونها الليلية المتلألئة التي تضم ملايين الأجرام السماوية من نجوم ومجرات بعيدة، ليثبت أن الجمال الحقيقي يكمن في التأمل العميق في عظمة الخلق من حولنا.