حل لغز يطلع من بطن أمه يحك ظهر أبوه

السؤال: ما هو حل لغز يطلع من بطن أمه يحك ظهر أبوه؟

شرح الإجابة:

إن هذا اللغز يمثل تجسيداً فنياً بليغاً لعملية تبدو في ظاهرها بسيطة، لكنها في عمقها تعتمد على علاقات مجازية ذكية. فاللغز لا يتحدث عن كائنات حية، بل يستخدم مصطلحات الأم والأب والابن لوصف تفاعل بين مجموعة من الجمادات، وهنا يكمن مفتاح فهمه العميق.

فإذا ما تأملنا في تفاصيله، نجد أن “الأم” في هذا السياق ليست إلا علبة الكبريت التي تحتضن أعواد الثقاب بداخلها كما لو كانت في بطنها. ومن هذا “البطن” يخرج “الابن”، الذي هو عود الثقاب نفسه. هذه الاستعارة الأولى تمهد الطريق للجزء الأكثر أهمية في اللغز، وهو الفعل الذي يقوم به هذا المولود الخارج للتو.

ثم ينتقل بنا اللغز إلى العلاقة مع “الأب”، حيث “يحك ظهر أبوه”. وهنا تبرز عبقرية الوصف، فالأب ليس كياناً منفصلاً، بل هو عود الثقاب ذاته، وتحديداً رأسه. فعملية “الحك” ما هي إلا حركة إشعال العود عبر احتكاكه بالسطح الخشن على جانب العلبة. هذا السطح، المكون غالباً من مادة الفسفور الأحمر ومسحوق الزجاج، هو الذي يُمكّن رأس العود من الاشتعال. وبالتالي، فإن الفعل الذي يبدو وكأنه “حك للظهر” هو في الحقيقة عملية الاحتكاك الضرورية لتوليد الشرارة الأولى.

وهنا يكمن جوهر العملية الفيزيائية والكيميائية؛ فالاحتكاك الشديد يولد حرارة كافية لبدء تفاعل كيميائي سريع. رأس عود الثقاب مغطى بمزيج من مواد كيميائية، أهمها مادة كلورات البوتاسيوم التي تعمل كعامل مؤكسد قوي، بالإضافة إلى مواد أخرى قابلة للاشتعال مثل كبريتيد الأنتيمون. عندما تتولد الحرارة، تتفكك كلورات البوتاسيوم مطلقةً الأكسجين الذي يشعل باقي مكونات الرأس فوراً.

وبهذا الفعل، يولد ناتج جديد تماماً لم يكن موجوداً من قبل: الشعلة. هذه الشعلة هي الابن الحقيقي الذي “يطلع” كنتيجة للقاء بين الأم (العلبة بسطحها الخشن) والأب (عود الثقاب برأسه الكيميائي). فاللغز إذن يصف دورة حياة مصغرة تبدأ من الاحتواء في العلبة، مروراً بالاحتكاك المولد للطاقة، وانتهاءً بظهور اللهب كغاية نهائية لهذه العلاقة المركبة.