حل سؤال: شرع الله الصبر على المصيبة لحِكم منها: التأدب مع الله تعالى في قضائه وقدره. طريق رضا العبد عن ربه جل وعلا. طريق إلى مرضاة الله تعالى عن العبد. لقلة الأجر في عدم الصبر. اجابة السؤال هي: التأدب مع الله تعالى في قضائه وقدره. طريق رضا العبد عن ربه جل وعلا. طريق إلى مرضاة الله تعالى عن العبد.
شرح الإجابة:
عندما يواجه الإنسان مصيبة، فإن ردة فعله الأولى قد تكون الجزع أو عدم الرضا. لكن الشريعة الإسلامية أرشدتنا إلى قيمة الصبر، وبينت أن له مقاصد جليلة وحِكماً عظيمة. إن الصبر ليس مجرد تحمل سلبي للألم، بل هو موقف إيجابي يعكس التسليم لقضاء الله والإيمان بحكمته. وراء تشريع الصبر تكمن فوائد جمة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
أولى هذه الحكم هي *التأدب مع الله تعالى في قضائه وقدره*. المصائب جزء لا يتجزأ من هذه الحياة، وهي اختبار من الخالق عز وجل. عندما يتقبل الإنسان المصيبة بصبر ورضا، فإنه بذلك يُظهر احترامه وتقديره لحكمة الله، وإيمانه بأن كل ما يأتي من الله هو خير، حتى وإن بدا ظاهره شرا. هذا التأدب يثمر طمأنينة في القلب وسلامة في النفس.
ثم إن الصبر هو *طريق رضا العبد عن ربه جل وعلا*. الرضا هو أعلى مقامات الإيمان، وهو يعني أن يطمئن قلب المؤمن إلى قضاء الله وقدره، وأن يعلم أن الله لا يختار له إلا الخير. الصبر على المصيبة يساعد الإنسان على الوصول إلى هذه الحالة من الرضا، لأنه يجعله يفكر في الحكمة الإلهية من وراء المصيبة، ويتذكر نعم الله الأخرى التي أنعم بها عليه.
إقرأ أيضا:تشابك السلاسل الغذائية بعضها مع بعض يسمى الشبكة الغذائيةإضافة إلى ذلك، الصبر هو *طريق إلى مرضاة الله تعالى عن العبد*. الله سبحانه وتعالى يحب الصابرين، وقد وعدهم بالأجر العظيم في الدنيا والآخرة. عندما يصبر الإنسان على المصيبة، فإنه يمتثل لأمر الله، ويثبت صدق إيمانه. هذا الامتثال يجلب رضا الله ومحبته، وهما أعظم ما يطمح إليه المؤمن. فالصبر ليس فقط تخفيفاً للألم، بل هو باب للتقرب إلى الله وكسب رضاه.
إن في الصبر على المصائب دروساً عظيمة، فهو يعلمنا *قوة التحمل* و*الجلد* و*الصبر*، ويجعلنا أكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة. كما أنه يزيد من إيماننا بالله وثقتنا به، ويجعلنا ندرك أن كل شيء بقضاء وقدر. أضف إلى هذا أن الصبر يقوي العلاقات الاجتماعية، فالإنسان الصابر يكون قدوة حسنة للآخرين، ويساعدهم على تجاوز محنهم.
على النقيض من ذلك، فإن *قلة الأجر في عدم الصبر* تجعلنا ندرك قيمة هذا الخلق العظيم. الجزع والتسخط لا يغيران من الواقع شيئاً، بل يزيدان الأمر سوءاً. إضافة إلى ذلك، فإنهما يجلبان غضب الله وسخطه، ويحرمان الإنسان من الأجر العظيم الذي أعده الله للصابرين. لذلك، فإن العاقل هو الذي يستقبل المصائب بالصبر والاحتساب، لعلمه أن ذلك هو خير له في الدنيا والآخرة.
ومن هنا يتضح أن الصبر على المصائب ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو عبادة عظيمة يتقرب بها العبد إلى ربه. إنه طريق إلى التأدب مع الله، والرضا بقضائه، والفوز برضاه ومحبته. فلنجعل الصبر شعارنا في مواجهة مصائب الحياة، ولنستلهم من قصص الأنبياء والصالحين الذين صبروا وثابروا حتى نالوا الفوز العظيم. لنتذكر دائماً أن مع العسر يسراً، وأن بعد كل محنة منحة، وأن الله مع الصابرين.
إقرأ أيضا:ماذا كان يقول الرسول صلى الله عليه وآله حين يأتي أحد لخطبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلاموعلى سبيل المثال، فكر في شخص فقد وظيفته فجأة. ردة الفعل الطبيعية قد تكون الشعور بالإحباط واليأس. لكن لو تحلى هذا الشخص بالصبر، فإنه سيتأدب مع الله ويعلم أن هذا الأمر هو جزء من قضاء الله وقدره. ثم إنه سيرضى بما قدره الله له، وسيبحث عن فرص جديدة، وسيستغل هذا الوقت لتطوير مهاراته. وبذلك، فإنه سيكسب رضا الله ومحبته، وقد يجد وظيفة أفضل مما كان يعمل بها من قبل.
ففي نهاية المطاف، فإن الصبر هو مفتاح الفرج، وهو السبيل إلى السعادة في الدنيا والآخرة. فلنتعلم كيف نصبر، وكيف نحتسب، وكيف نرضى بقضاء الله وقدره، لننال الفوز العظيم.