السؤال: ما صحة قصة تقسيم الجمال المنسوبة للإمام علي بن أبي طالب؟
- الإجابة: القصة المتداولة هي حكاية مشهورة تُظهر ذكاء الإمام علي في حل معضلة ميراث، حيث توفي رجل وترك 17 جملاً ووصية بتوزيعها كالنصف والثلث والتسع على أبنائه الثلاثة. وعندما عجزوا عن التقسيم، أضاف الإمام جملاً من عنده ليصبح المجموع 18، فتمكن من توزيعها ثم استرد جمله.
شرح الإجابة:
إن هذه الحكاية، التي ذاع صيتها عبر الأجيال، تمثل نموذجاً فريداً في التفكير الإبداعي وحل المشكلات التي تبدو مستعصية. تدور الأحداث حول وصية خلّفت نزاعاً بين ثلاثة إخوة، فالمسألة لم تكن مجرد توزيع لعدد من الجمال، بل كانت اختباراً للمنطق في مواجهة أرقام لا تقبل القسمة بسهولة. فالرقم 17 عدد أولي، وتقسيمه إلى نصف وثلث وتسع ينتج عنه كسور، وهو أمر لا يمكن تطبيقه على كائنات حية.
وهنا تبرز النقطة المحورية في القصة، فالخلل الرياضي لم يكن في القسمة ذاتها، بل في الوصية الأصلية. فمجموع الحصص المذكورة في الوصية، أي النصف (1/2) والثلث (1/3) والتسع (1/9)، لا يساوي الواحد الصحيح الذي يمثل التركة كاملة. عند توحيد المقامات، نجد أن المجموع هو 17/18، مما يعني أن الوصية نفسها ناقصة وغير قابلة للتطبيق بشكل مباشر على 17 جملاً. هذا الإدراك العميق لجذر المشكلة هو ما مهد الطريق للحل العبقري.
إقرأ أيضا:مولد الضد هو بروتين ومواد كيميائية غريبة تهاجم الجسملم تكن إضافة الجمل الثامن عشر مجرد حيلة، بل كانت خطوة منهجية لإيجاد أساس مشترك قابل للقسمة. فالرقم 18 هو المضاعف المشترك الأصغر للمقامات (2، 3، 9)، وبتحويل إجمالي عدد الجمال مؤقتاً إلى هذا الرقم، تحولت المسألة من معضلة حسابية إلى عملية توزيع بسيطة وسلسة. لقد أعاد الإمام صياغة المشكلة برمتها بدلاً من محاولة حلها ضمن قيودها المستحيلة.
بناءً على هذا الأساس الجديد، أصبح التوزيع منطقياً بالكامل. فالابن الأول نال نصف الثمانية عشر، أي تسعة جمال. بينما حصل الثاني على ثلثها، أي ستة جمال. في حين كان نصيب الثالث تسعها، أي جملين فقط. والمفارقة المدهشة تكمن في أن مجموع هذه الحصص (9 + 6 + 2) يساوي 17 جملاً، وهو العدد الأصلي للتركة، تاركاً الجمل الثامن عشر، الذي أضافه الإمام، فائضاً ليعود إلى صاحبه.
أما عن جانب الصحة التاريخية، فيجب التوضيح أن هذه القصة، على الرغم من انتشارها الواسع كرمز للحكمة والفطنة، لا وجود لها في كتب الحديث المعتبرة أو المصادر التاريخية الموثوقة. هي أقرب إلى كونها لغزاً رياضياً أو حكاية شعبية صيغت في قالب تاريخي لتُكسبها وقاراً وتقديراً. وعليه، فإن قيمتها الحقيقية لا تكمن في توثيقها التاريخي، بل في الدرس العميق الذي تقدمه حول أهمية التفكير خارج الصندوق وتطبيق المبادئ المنطقية لحل النزاعات وفك الشيفرات المعقدة.
إقرأ أيضا:يعد الهواء والضوء مادة صواب خطأ