السؤال: ظاهرة تنشأ من قوى التماسك بين جزيئات المائع وتتمثل في ميل سطح السائل إلى التقلص لأقل مساحة ممكنة هي
- الإجابة : التوتر السطحي هي ظاهرة تنشأ من قوى التماسك بين جزيئات المائع وتتمثل في ميل سطح السائل إلى التقلص لأقل مساحة ممكنة.
شرح الإجابة :
التوتر السطحي هو ظاهرة فيزيائية تنتج عن اختلاف القوى التي تُؤثر على الجزيئات داخل السائل وتلك التي تقع عند السطح الحر. داخل السائل تكون قوى التماسك بين الجزيئات متوازنة من جميع الجهات، أما عند السطح فتعاني الجزيئات من فقدان التوازن لأن القوى الجانبية والداخلية تفوق القوى الخارجة، مما يؤدي إلى ميل السطح لأن يتقلص ويأخذ أصغر مساحة ممكنة. هذا السلوك هو نتيجة مباشرة للرغبة في تقليل طاقة السطح، فكلما قلّت مساحة السطح انخفضت الطاقة المخزنة عنده، وهذا ما يفسر تكوّن القطرة الكروية أو تقريب شكل القطرات إلى شكل كرة.
لفهم الآلية بصورة مبسطة، تخيّل أن كل جزيء في السائل مثل تمساح صغير مربوط بجيرانته بواسطة قوى الترابط الجزيئي؛ الجزيئات داخل السائل مشدودة من كل الجهات، ولذلك لا تتحرّك كثيراً، أما جزيئات السطح فمشدودة إلى الداخل، فتضغط السطح نحو الداخل، وهذا يسبب التقليل من المساحة السطحية. يمكن التعبير عن التوتر السطحي رياضياً بوحدتين متكاملتين: قوة لكل وحدة طول (نيوتن/متر) أو طاقة لكل وحدة مساحة (جول/متر²)، وهما وجهان لنفس الحقيقة الفيزيائية.
إقرأ أيضا:التطعيم هو حقن الجسم عن قصد بمولد ضد ميت أو ضعيف غير قادر على الإصابة بالمرض. صواب خطأتظهر هذه الظاهرة في ملاحظات يومية بسيطة: عندما يتكون الماء على شكل حبات على سطح ورقة نبات، فإنها تبقى متماسكة بسبب قوى التماسك وشدّ السطح؛ وعندما تمشي بعض الحشرات على الماء، فإن أرجلها تستفيد من التوتر السطحي لدعم وزنها دون غمرها. أما مثال آخر فأداة بسيطة مثل إبرة موضوعة برفق على سطح الماء قد تطفو لأن قوى التماس بين الإبرة والماء وزاوية التماس تسمح بتوزيع القوة على السطح بدلاً من غرقها. من جهة أخرى، مواد مثل الزئبق تظهر توتراً سطحياً كبيراً، لذلك تكون قطرة الزئبق شبه كروية ومتماسكة بصورة أكبر من قطرة الماء.
أهمية الظاهرة تمتد إلى عمليات حيوية وتقنية؛ فعلى سبيل المثال، في الرئة توجد مواد تُسمى المادة السطحية الرئوية تساعد على تقليل التوتر السطحي داخل الحويصلات الهوائية الصغيرة، مما يُسهِم في بقاء الحويصلات منبثقة وسهولة عملية التنفس. وبالمثل، في الصناعة تُستخدم المواد الخافضة للتوتر السطحي مثل المنظفات لتقليل التوتر السطحي للماء، مما يسمح له بالانتشار عبر الأسطح الدهنية ونفاذه داخل المسامات وإزالة الأوساخ. في تقنية الطباعة النافثة للحبر وفرض الصور الإلكترونية، تُعتبر السيطرة على زاوية التماس وخواص السائل والسطح أمراً أساسياً لتحقيق تناثر متحكم فيه للقطرات.
من منظورٍ مبدئي، يمكن ربط التوتر السطحي بمبدأ الطاقة الحرة: النظام يسعى إلى الحالة الأقل طاقةً. مساحة السطح تمثل طاقة تخزينية، فبتقليلها يتحسّن ثبات النظام. هذا يفسّر أيضاً سلوك الرغوة والفقاعات؛ فالفقاعات الكبيرة تميل للاندماج لتقليل المساحة الإجمالية للأسطح، بينما وجود مواد مستحلبة أو جزيئات على السطح تجعل الفقاعات أكثر استقراراً لأن تلك المواد تُقلّل طاقة السطح وتمنع الاندماج السريع.
إقرأ أيضا:يمكن لمستويين في الفضاء أن يتقاطعا في نقطة صواب خطأتختلف قيمة التوتر السطحي بين السوائل باختلاف نوع القوى بين الجزيئات. في الماء، تلعب الروابط الهيدروجينية دوراً مهماً في رفع قيمة التوتر، أما في سوائل أخرى حيث تكون قوى فان دير فالس أقوى أو أضعف فسوف تختلف القيمة. كذلك تؤثر الحرارة: ارتفاع درجة الحرارة يقلل عادةً من طاقة السطح لأن حركة الجزيئات تزداد وتضعف التماسك، لذلك تُصبح القطرات أقل تمسّكاً بالسطح وتنتشر أكثر. هذا يفسّر لماذا يصبح السائل أكثر سيولة (أقل تقبّلاً للحفاظ على شكل قطرة) عند التسخين.
لقياس التوتر السطحي تُستخدم تجارب بسيطة ويمكن أيضاً استخدام أدوات مختبرية دقيقة مثل حلقة دونوي أو صفيحة فيلهلمي لقياس القوة اللازمة لإزاحة أو شد سطح السائل. هذه القياسات تعطينا قيمة رقمية تُعبر عن شدة الظاهرة وتساعد في تصميم مواد وعليات صناعية متعلقة بالتبريد، الطلاء، صناعة الأدوية، الغذاء، والمواد النانوية.
لفهم تأثير التوتر السطحي في الطبيعة، يمكن النظر إلى عملية الخاصية الشعرية في النباتات؛ عندما يصعد الماء عبر أنابيب دقيقة داخل الساق، يتعاون التوتر السطحي مع اللزوجة وقوى التلاصق بين الماء وجدران الأنسجة لرفع الماء إلى ارتفاعات تفيد النبات. هنا يتجلى كيف أن ظاهرة تبدو بسيطة تؤثر في دورة المياه وفي بقاء النباتات.
إقرأ أيضا:ماذا يحدث عند وضع جسم معتم بين مصدر ضوء وحائطخلاصة القول أن التوتر السطحي ليس مجرد خاصية تجريبية تُقاس في المختبر، بل هو مبدأ مترابط يفسر سلوك السوائل على السطوح، ويؤثر في ظواهر يومية وحيوية وتقنية. فهم هذه الظاهرة يتطلب الانتباه إلى القوى بين الجزيئية، مفهوم طاقة السطح، وتأثير العوامل الخارجية مثل الحرارة والمواد المضافة. بتحليل هذه العناصر يصبح الطالب قادراً على ربط الملاحظة البسيطة بحقيقة فيزيائية عميقة، وهذه القدرة على الربط هي مفتاح الفهم العلمي الصحيح.