الإجابة على سؤال: عندما لا يكون موضوع الخطبة محددًا فإن أهم الأسئلة التي يستعين بها الخطيب
- الجواب: ما الموضوع الذي أعتقد أن المستمعين بحاجة إليه؟ ما مدى كفاءتي في الموضوع؟ ما الأفكار الجديدة التي من الممكن أن أقدمها؟
شرح الإجابة:
في البداية، على الخطيب أن يُدرك أن الخطبة ليست مجرد كلمات تُلقى، بل رسالة تُبنى بعناية، تتوجه إلى جمهور له احتياجات فكرية وعاطفية مختلفة. لذلك، السؤال الأول الذي يطرحه الخطيب على نفسه حين لا يكون الموضوع محددًا هو: ما الموضوع الذي أعتقد أن المستمعين بحاجة إليه؟ هذا السؤال يُعد حجر الأساس، لأنه يجعل الخطبة مرتبطة بالسياق والواقع، ويمنحها المعنى والوظيفة. فالجمهور ليس رقماً، بل بشر لديهم قضايا تؤرقهم، وتساؤلات تبحث عن إجابة، ومشكلات تنتظر من يضيء لها طريق الفهم.
بعد تحديد الموضوع الذي يخدم حاجة المستمعين، ينتقل الخطيب إلى سؤال لا يقل أهمية: ما مدى كفاءتي في الموضوع؟ لأن التأثير لا يكون بالكلام فقط، بل بمدى عمق الخطيب في الفكرة، ومدى تمكنه من مفرداتها، وأمثلتها، وتاريخها، وانعكاساتها. لا يكفي أن يكون الموضوع مثيرًا أو ضروريًا، بل يجب أن يُقدَّم بثقة مبنية على معرفة وتجربة. فالجمهور لا يُقنعه مجرد الأداء الصوتي، بل يسأل في عقله: “هل يفهم ما يقول؟ هل عاشه؟ هل يملكه أم يردده؟”
إقرأ أيضا:لم تكن شبه الجزيرة العربية تخضع لحكم موحدثم يأتي سؤال ثالث يُظهر نضج الخطيب وتميّزه: ما الأفكار الجديدة التي من الممكن أن أقدمها؟ لأنه في زمن تتكرر فيه المواضيع والخطب، يبحث الناس عن الإضافة، عن الجديد في الفكرة، أو في زاوية النظر، أو حتى في طريقة العرض. لا يعني “الجديد” اختراع العجلة، بل قد يعني أن تأتي لفكرة قديمة بضوء مختلف، بربطها بحدث معاصر، أو إسقاطها على واقع الناس بلغة بسيطة، دون إخلال بالمعنى أو ضعف في الدليل.
في هذه المرحلة، تتشكل الخطبة في ذهن الخطيب كأجزاء مترابطة: حاجة الجمهور، كفاءة المتحدث، ثم الإبداع في العرض. هذه العناصر الثلاثة تتعاون لتكوين خطبة لا تمر مرور الكرام، بل تترك أثرًا. وهذا ما يجب أن يسعى إليه كل من يقف أمام الناس متحدثًا: التأثير، لا التكرار. التعليم، لا التلقين. الإلهام، لا الترفيه.
إقرأ أيضا:لم تكن شبه الجزيرة العربية تخضع لحكم موحدوبهذا الفهم العميق، يكون الخطيب قد وضع لنفسه إطارًا يُحسن به الاختيار، ويجعل من كل خطبة مشروعًا حيويًا نابضًا، يلامس العقول، ويهذب النفوس، ويُبقي أثرًا لا يُمحى.