في أي يوم وأي شهر ولدت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

في أي يوم وأي شهر ولدت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟

شرح الإجابة

إن تحديد هذا اليوم، العشرين من شهر جمادى الآخرة، لا يمثل مجرد تسجيل لحدث تاريخي، بل هو إشارة إلى بزوغ فجر شخصية استثنائية ستغير مجرى الأحداث. ففي قلب مكة المكرمة وفي رحاب بيت النبوة، وقبل الهجرة الشريفة بسنوات، أشرقت شمس هذه السيدة الجليلة، لتعلن عن بداية فصل محوري في قصة الإسلام الكبرى.

ولكي ندرك عمق هذا الحدث، لا بد من النظر إلى الظرف الذي أحاط به. فقد كانت ولادتها في كنف والديها الكريمين، خاتم الأنبياء النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والسيدة الطاهرة خديجة بنت خويلد (عليها السلام)، وذلك في مرحلة دقيقة وحساسة من عمر الرسالة الإسلامية. لقد جاءت في زمن كانت فيه الدعوة الوليدة تواجه التحديات، فكان مجيئها بمثابة غيث من السماء وعزاء لوالديها، وتجسيدًا حيًا للوعد الإلهي بالخير الكثير أو الكوثر، كما يذهب إلى ذلك كثير من المفسرين.

من هنا، يكتسب هذا التاريخ أهمية تتجاوز التقويم، فهو اليوم الذي قُدّر فيه لمسيرة أهل البيت (عليهم السلام) أن تكتمل بأحد أركانها الأساسية. لم تكن ولادتها حدثاً عابراً، بل كانت المحطة الأولى في حياة حافلة بالمواقف العظيمة والتضحيات التي شكّلت جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الإسلامي، ورسمت ملامح هوية المرأة المسلمة الكاملة.

وعلى الرغم من أن الرواية الأكثر رسوخاً وتداولاً في المصادر المعتبرة تشير بوضوح إلى العشرين من جمادى الآخرة، وتحديداً في العام الخامس بعد البعثة النبوية، فإن التدقيق في السجلات التاريخية القديمة قد يكشف عن إشارات أخرى. هذا التباين الطفيف، إن وُجد، هو سمة من سمات تدوين التاريخ في تلك الحقب المبكرة، ولكنه لا يقلل إطلاقاً من ثقل الرواية الأبرز التي اجتمع عليها كبار المؤرخين والعلماء واحتفت بها الأمة.

وهكذا، فإن النظر إلى يوم مولدها لا يكتمل إلا بربطه بإرثها الخالد. فمنذ ذلك اليوم، بدأت حكاية من عُرفت بلقب “أم أبيها”، ومن أصبحت بحق “سيدة نساء العالمين” في زمانها وبعده. إن العشرين من جمادى الآخرة ليس مجرد تاريخ في سجل الزمن، بل هو نقطة انطلاق لسيرة عطرة ملأت الدنيا نوراً وحكمة، وظل أثرها ممتداً عبر العصور كمنارة يهتدي بها السائرون.