في المثال حضر الضيوف إلا واحدا يجوز في المستثنى النصب والإبدال من المستثنى منه

السؤال: في المثال (حضر الضيوف إلا واحداً) يجوز في المستثنى النصب والإبدال من المستثنى منه.

شرح الإجابة:

إن فهم هذه القاعدة النحوية يتطلب منا الغوص في بنية أسلوب الاستثناء في اللغة العربية، وهو أسلوب دقيق يقوم على إخراج اسم (يُسمى المستثنى) من حكم عام ينطبق على مجموعة (تُسمى المستثنى منه) باستخدام أداة مثل “إلا”. في جملة “حضر الضيوف إلا واحداً”، نجد أن أركان الاستثناء مكتملة: “الضيوف” هم المستثنى منه، و”إلا” هي الأداة، و”واحداً” هو المستثنى. هذا النوع من الجمل، حيث تكون جميع الأركان موجودة والكلام مُثبتاً غير منفي، له حكم إعرابي واحد وواضح، وهو وجوب نصب الاسم الواقع بعد “إلا” على أنه مستثنى منصوب.

لكن، وهنا يكمن جوهر المسألة وعمقها، يتغير المشهد النحوي تماماً حينما يدخل النفي على هذه الجملة. فلو تحولت الجملة إلى “ما حضر الضيوفُ إلا…”، فإننا ندخل إلى حالة تُعرف بـ “الاستثناء التام المنفي”. في هذه الحالة تحديداً، تمنحنا قواعد اللغة العربية مرونة إعرابية، فيجوز في الاسم الواقع بعد “إلا” وجهان صحيحان لا ثالث لهما. هذا التحول هو الركيزة الأساسية التي تجعل القاعدة المذكورة في السؤال صحيحة في سياقها الأوسع.

الوجه الأول هو استمرار إعرابه مستثنى منصوباً، فنقول: “ما حضر الضيوفُ إلا واحداً”. وهذا هو الخيار الأبسط، حيث نعامل الأداة “إلا” كأداة استثناء قياسية بغض النظر عن النفي. أما الوجه الثاني، وهو الأكثر بلاغة، فيسمح لنا بإعراب الاسم بعد “إلا” بدلاً من المستثنى منه. البدل، كما تعلم، هو تابع يتبع ما قبله في الإعراب. وبما أن “الضيوفُ” في جملتنا فاعل مرفوع، فإن بدله يجب أن يكون مرفوعاً أيضاً، فنقول: “ما حضر الضيوفُ إلا واحدٌ”. كلا الإعرابين صحيح تماماً ويؤدي المعنى نفسه.

إذن، فالقضية لا تتعلق بالجملة المثبتة بحد ذاتها، بل بالاحتمال الذي يفتحه دخول النفي عليها. إن جواز النصب والإبدال هو ميزة خاصة بالتركيب اللغوي الذي يجمع بين اكتمال أركان الاستثناء ووجود أداة نفي في صدر الجملة. هذا التفريق الدقيق بين حالة الإثبات وحالة النفي هو ما يميز المتعمق في قواعد اللغة، ويُظهر ثراء العربية وقدرتها على التعبير عن المعنى الواحد بأساليب متعددة لكل منها دلالته البلاغية الخاصة.