كم مرة ضحكت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد وفاة أبيها؟
الإجابة: لم تُرَ ضاحكةً قطّ.
شرح الإجابة :
إن الإجابة على هذا السؤال ليست مجرد معلومة تاريخية، بل هي مفتاح لفهم عمق الفاجعة التي أحدثها رحيل خاتم الأنبياء والمرسلين. فالعلاقة التي كانت تربط السيدة فاطمة بأبيها النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت استثنائية بكل المقاييس؛ فلم تكن مجرد علاقة أب بابنته، بل كانت علاقة عميقة لدرجة أنه وصفها بـ “أم أبيها”، وهذا اللقب وحده يكشف عن حجم الرعاية والاحتواء المتبادل بينهما.
ففي أعقاب رحيل سيد الكائنات، لم يكن حزن الزهراء عليها السلام مجرد رد فعل عاطفي مؤقت، بل كان تحولًا جذريًا في حالها. لقد مثّل وفاة أبيها انقطاع الوحي عن الأرض، وغياب النور الذي استضاءت به البشرية، وهو ما شكّل منعطفًا حاسمًا في حياتها القصيرة بعده. فالأمر أكبر من مجرد فقدان أب؛ إنه فقدان للرسالة في مصدرها الأول، ولذلك تجذّر الأسى في وجدانها حتى غاب عن محياها السرور والضحك.
ومن هذا المنطلق، لم يكن حزنها حالة نفسية شخصية فحسب، بل تحوّل إلى موقفٍ رمزيٍّ بليغ. فكل دمعة كانت تذرفها، وكل لحظة صمت وتأمل، كانت بمثابة إعلان مستمر عن حجم الخسارة التي لحقت بالأمة، وتذكير دائم بالإرث العظيم الذي تركه الرسول الأكرم. لقد كان حزنها مرآة تعكس الأحداث الجسيمة التي تلت تلك الفترة، وكيف أن غيابه الجسدي ألقى بظلاله الثقيلة على أهل البيت وعلى مسار التاريخ من بعده.
خلاصة القول هي أن الروايات التاريخية الموثوقة أجمعت على أن بضعة الرسول لم تُشاهد مبتسمة أو ضاحكة طوال الشهور التي عاشتها بعد أبيها. لقد أصبحت حياتها مرثية حية، وشهادة صامتة وناطقة في آن واحد على أن العالم بأسره قد تغير بشكل لا رجعة فيه بعد تلك المصيبة العظمى، فكيف لقلبها، وهو الأقرب إليه، ألا يتأثر بهذا الشكل المطلق.