إجابة سؤال: لماذا تراجعت الحضارة الإسلامية في مجالات العلم اليوم؟
- الجواب: تراجعت الحضارة الإسلامية في مجالات العلم بسبب مجموعة من العوامل المتشابكة، منها ضعف الاهتمام بالتعليم، وتراجع دور البحث العلمي، وغياب البيئة الداعمة للإبداع التي كانت في عصور الازدهار الإسلامي.
شرح الإجابة:
في الماضي، كان العلم هو نبض الحياة في العالم الإسلامي. كان العلماء يدرسون، ويخترعون، ويترجمون كتب الأمم الأخرى، فيرفعون راية المعرفة عالياً. لكن مع مرور الزمن، بدأت روح الفضول العلمي تضعف شيئًا فشيئًا. لم يعد هناك تشجيع كافٍ على طرح الأسئلة أو البحث عن الإجابات الجديدة، بل أصبح التعليم في كثير من الدول يعتمد على الحفظ أكثر من الفهم، وعلى التكرار أكثر من التفكير.
كما أن غياب الحرية الفكرية جعل العقول تخاف من الخطأ، بينما العلم لا يولد إلا من التجربة والخطأ. في المقابل، ركزت الأمم الأخرى على تطوير المناهج وفتح أبواب الجامعات والمختبرات، فسبقونا بخطوات واسعة. ولو نظرنا إلى الماضي، لوجدنا أن علماء المسلمين مثل ابن الهيثم والبيروني وابن سينا لم يصلوا إلى عظمتهم إلا لأنهم عاشوا في بيئة تحترم العقل وتشجع التجربة وتكرم المعرفة.
أما اليوم، فقد أصبحت أولويات كثير من المجتمعات الإسلامية مختلفة. تُصرف الأموال على أمور جانبية، بينما البحث العلمي يعاني من نقص في الدعم. والأسوأ من ذلك أن المعلم، وهو الأساس في بناء العقول، لم يُعطَ المكانة التي يستحقها. بدون معلم مبدع، لا يمكن أن تنشأ أجيال قادرة على الابتكار أو الاكتشاف.
إضافة إلى ذلك، فإن ضعف التواصل مع التكنولوجيا الحديثة جعل الهوة تكبر. الدول المتقدمة تستثمر في الذكاء الاصطناعي، والطب الحديث، والطاقة المتجددة، بينما ما زال كثير من طلابنا يجدون صعوبة في فهم الأساسيات لأنهم لا يرون للعلم قيمة في حياتهم اليومية.
لكن الأمل لا يزال حيًا. يمكن للحضارة الإسلامية أن تستعيد مكانتها إذا عادت إلى جذورها الأصيلة في حب العلم واحترام العلماء، وإذا تعلم الجيل الجديد أن القراءة والتفكير هما الطريق الحقيقي إلى النهضة. كل ما نحتاجه هو أن نعيد زرع فكرة بسيطة في العقول: أن الأمة التي تكرم العلم، تكرم نفسها، وأن المستقبل لا يُمنح، بل يُصنع بالعقل والعمل.