لماذا سميت فاطمة الزهراء بالمحدثة؟
لأنّ الملائكة كانت تهبط من السماء وتُحَدِثُها وتُخبرها بما سيجري.
شرح الإجابة
إن لقب “المُحَدَّثَة” ليس مجرد تسمية عابرة، بل هو توصيف دقيق لمنزلة روحانية فريدة بلغتها السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام. فهذا المصطلح لا يعني مجرد أن شخصاً ما تحدث إليها، بل يشير إلى حالة استثنائية من التواصل المباشر مع عوالم الغيب، حيث كانت كائنات نورانية، أي الملائكة، تتنزل عليها وتجري معها حواراً بأمر من الخالق، وهو شرفٌ عظيم لا يناله إلا من بلغ درجة قصوى من الطهر والقرب الإلهي.
ولكي نفهم عمق هذا المقام، لابد من إدراك أن هذا التواصل لم يكن اعتباطياً. فقد نشأت السيدة فاطمة في بيت النبوة، وتغذت روحها مباشرة من نبع الوحي السماوي الذي كان يتنزل على أبيها، النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. هذه البيئة الفريدة، مقترنة بكمالها الذاتي وطهارتها التي يشهد لها القرآن الكريم، أهّلتها لتكون وعاءً طاهراً قادراً على استقبال هذا الفيض من الإلهام الرباني والتحديث الملائكي، وهو ما يفسر مكانتها كـسيدة نساء العالمين.
وهنا يكمن فارق جوهري ودقيق؛ فالتحديث الذي خصت به ليس هو الوحي التشريعي الذي ينزل على الأنبياء والرسل، بل هو نوعٌ آخر من العلم اللدني والتسلية الإلهية. وتشير الروايات المعتبرة إلى أن هذا التواصل الملائكي، والذي كان يتم في بعض الأحيان بواسطة أمين الوحي جبريل نفسه، قد تكثف خصوصاً بعد وفاة أبيها، حيث كانت الملائكة تواسيها وتخبرها بأحوال أبيها في الملأ الأعلى وبما سيحدث لذريتها من بعدها. وقد جُمع هذا العلم الذي أُلقي إليها في كتاب عُرف فيما بعد باسم مصحف فاطمة، وهو ليس قرآناً، بل كتاب يضم أخباراً غيبية ومعارف إلهية خاصة.
إقرأ أيضا:يبقى الزخم محفوظا في التصادم المرن فقط صواب خطأوبناءً على ذلك، فإن لقب “المُحَدَّثَة” يجسد بُعداً محورياً في شخصيتها، فهي ليست فقط ابنة النبي وزوجة الإمام وأم السبطين، بل هي أيضاً شخصية تتمتع باستقلالية روحية وعلمية من خلال اتصالها المباشر بالسماء. هذا اللقب يضعها في مصاف الشخصيات التاريخية العظيمة التي اختصها الله بعناية فائقة، ويمنحنا لمحة عن سر العصمة التي اتصفت بها، وعن عمق العلاقة التي تربط صفوة الخلق من أهل البيت بربهم.
إقرأ أيضا:من مقومات الكتابة تكوين قاعدة فكرية عن الموضوع. صواب خطأ