لماذا طلبت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام أن تُدفن ليلاً؟
- الإجابة: طلبت ذلك لتعبّر عن موقفها الرافض لمن ظلمها، ولتمنعهم من حضور جنازتها وتشييعها.
شرح الإجابة:
إن وصية السيدة فاطمة الزهراء، بضعة النبي محمد (ص) وريحانته، بأن يُوارى جسدها الطاهر في جنح الظلام، ليست مجرد طلب عابر أو رغبة شخصية، بل هي في جوهرها موقف تاريخي عميق ورسالة خالدة تتجاوز حدود الزمان والمكان. لفهم أبعاد هذه الوصية، يجب أن نعود إلى الظروف العصيبة التي أحاطت بها في أيامها الأخيرة بعد رحيل أبيها، خاتم الأنبياء، حيث شعرت بغبن شديد وألم عظيم نتيجة أحداث جسام، أبرزها قضية الخلافة ومصادرة إرثها المتمثل في أرض فدك.
انطلاقاً من هذا الشعور بالغضب والسخط، تحول طلب الدفن السري إلى وسيلة تعبيرية فريدة. لقد كان الدفن ليلاً هو السبيل الوحيد لضمان عدم مشاركة من اعتبرتهم غاصبين لحقها وحق زوجها الإمام علي بن أبي طالب في مراسم تشييعها والصلاة عليها. ففي تلك الثقافة، كان حضور جنازة شخصية بمكانة سيدة نساء العالمين شرفاً عظيماً وتكريماً، وبمنعهم من هذا الشرف، أرادت أن تسجل للتاريخ، وبشكل قاطع لا لبس فيه، مدى سخطها عليهم وانقطاعها التام عنهم، لتكون جنازتها الصامتة أبلغ من أي خطاب.
وبهذا الفعل الرمزي، أرست الزهراء عليها السلام قاعدة مفادها أن المبادئ لا تتجزأ، وأن المظلومية لا تُمحى بالمجاملات الاجتماعية أو البروتوكولات الشكلية. لقد كان قرارها بمثابة موقف سياسي وإنساني من الطراز الرفيع، استخدمت فيه جسدها كآخر وسيلة للاحتجاج. إن إخفاء مراسم التشييع عن الأعين لم يكن غايته الخفاء بحد ذاته، بل كان يهدف إلى فضح موقف جلي في وضح النهار، وهو أن علاقتها بمن ظلمها قد وصلت إلى نقطة اللاعودة.
إقرأ أيضا:أكبر المحيطات هو المحيط الأطلسيوهكذا، أصبح قبرها المجهول في المدينة المنورة إلى يومنا هذا رمزاً خالداً لتلك المظلومية وشاهداً صامتاً على وصيتها. فإخفاء موضع القبر لم يكن إلا امتداداً منطقياً لوصية الدفن الليلي، ليظل سؤال “أين قبر فاطمة؟” يتردد عبر العصور، دافعاً الأجيال إلى البحث في الأسباب التي أدت إلى هذه النهاية الحزينة، ومُخلِّداً بذلك رسالتها الأبدية في رفض الظلم والتمسك بالحق حتى آخر نفس وبعد الممات.
إقرأ أيضا:الليثيوم والصوديوم عناصر ضمن عائلة الفلزات القلوية الفلزات القلوية الأرضية الهالوجينات الانتقالية