لماذا لا يمكن أن تكون القيمة المطلقة سالبة

السؤال: لماذا لا يمكن أن تكون القيمة المطلقة سالبة؟

• الإجابة: لأن القيمة المطلقة في جوهرها هي مقياس للمسافة بين أي عدد ونقطة الصفر على خط الأعداد، والمسافات في عالمنا المادي والرياضي لا يمكن أن تكون سالبة على الإطلاق.

شرح الإجابة:

إن فهمنا للقيمة المطلقة يبدأ من فكرة بسيطة لكنها عميقة للغاية، وهي فكرة القياس. لنتخيل معًا خط الأعداد كطريق مستقيم لا نهائي، ونقطة الصفر هي منزلك أو نقطة انطلاقك. سواء تحركت خمس خطوات إلى اليمين لتصل إلى العدد (5)، أو تحركت خمس خطوات إلى اليسار لتصل إلى العدد (-5)، فإن السؤال الجوهري هو: ما المسافة التي قطعتها بعيدًا عن نقطة البداية؟ في كلتا الحالتين، الإجابة هي خمس خطوات. فالمسافة هنا هي مقدار الحركة، بغض النظر عن اتجاهها يمينًا كان أم يسارًا.

وعلى هذا الأساس، جاء المفهوم الرياضي للقيمة المطلقة، التي يرمز لها بالخطين العموديين |x|، ليعمل كأداة رياضية دقيقة تقوم بتجريد العدد من اتجاهه (أي إشارته السالبة) والإبقاء على مقداره الصافي فقط. فعندما نضع العدد (-5) داخل رمز القيمة المطلقة، فإننا نسأل الرياضيات: “ما هو حجم هذا العدد بمعزل عن كونه سالبًا؟” فتكون الإجابة هي (5). هذا هو السبب في أن القيمة المطلقة لعدد موجب تبقى كما هي، لأنها تمثل مقدارًا خالصًا بالفعل.

بيد أن الأمر يتجاوز مجرد كونه تمثيلًا للمسافة، بل هو مبدأ منطقي. إن الإشارة السالبة في الرياضيات لا تعني بالضرورة “نقصانًا” بقدر ما تعني “اتجاهًا معاكسًا” أو “دينًا” أو “خسارة”. فالقيمة المطلقة هي عملية تهدف إلى إهمال هذا البُعد الاتجاهي والتركيز فقط على الحجم أو التأثير. لذلك، فإن القول بأن القيمة المطلقة يمكن أن تكون سالبة هو بمثابة تناقض صارخ، فكأنك تقول إن المسافة التي قطعتها للخلف هي مسافة سلبية، وهذا غير منطقي؛ فالحركة قد حدثت والمسافة قد قُطعت وهي دائمًا كمية موجبة أو صفر في حال عدم التحرك.

وهذا يقودنا مباشرةً إلى التعريف الرسمي الذي يضع النقاط على الحروف: إذا كان العدد موجبًا أو صفرًا، فقِيمته المطلقة هي العدد نفسه. أما إذا كان العدد سالبًا، فإن قيمته المطلقة هي معكوسه الجمعي (أي ضربه في -1) لإزالة الإشارة السالبة وتحويله إلى موجب. إذن، فالعملية مصممة خصيصًا لإنتاج ناتج موجب أو صفر دائمًا، مما يجعل استحالة كونها سالبة حقيقة رياضية راسخة مبنية على منطق القياس والمقدار.