إجابة سؤال: لم تستفد الحضاره الاسلاميه من الحضارات السابقه صح ام خطا
الجواب: خطا، هذا القول غير صحيح، لأن الحضارة الإسلامية استفادت بشكل كبير من الحضارات السابقة، ونجحت في تطويرها وبناء نهضتها عليها بطريقة مبدعة.
شرح الإجابة:
عندما ظهرت الحضارة الإسلامية، لم تبدأ من الصفر، بل نظرت بعين الحكمة إلى ما وصلت إليه الحضارات القديمة مثل اليونانية والفارسية والهندية والمصرية. لم ترفضها، ولم تكتفِ بتقليدها، بل قامت بعملٍ ذكيٍّ، إذ اختارت ما ينفع الإنسان وتركَت ما يخالف القيم الإسلامية. بهذه الطريقة، أصبحت الحضارة الإسلامية جسرًا بين الماضي والمستقبل.
ففي العلم، ترجم المسلمون كتب أرسطو وأفلاطون وإقليدس وجالينوس، ثم أعادوا صياغة الأفكار بلغة جديدة تجمع بين العقل والتجربة. لم يكن هدفهم الحفظ، بل الفهم والتطوير. ولهذا رأينا علماء مثل ابن سينا والرازي والخوارزمي يقدمون اكتشافات لم يعرفها القدماء من قبل. إنهم لم ينسخوا، بل أضافوا وأبدعوا.
أما في الفنون والمعمار، فقد استفاد المسلمون من جمال العمارة الرومانية والفارسية، ثم صاغوها بأسلوبٍ فريدٍ يعبّر عن التوحيد والتناغم. فالمساجد ذات القباب والمآذن ليست مجرد مبانٍ، بل رموز لحضارةٍ ترى الجمال جزءًا من العبادة.
وفي الفكر والفلسفة، لم يتوقف المسلمون عند النقل، بل ناقشوا الأفكار السابقة بعقلٍ مفتوحٍ وروحٍ ناقدة. استخدموا المنطق ليخدم الإيمان، وجعلوا العقل وسيلة للفهم لا للجدال. بهذا التوازن، أسّسوا فكرًا يجمع بين الروح والعلم.
ومع مرور الوقت، أصبحت الحضارة الإسلامية منارةً للمعرفة، تنير دروب أوروبا والعالم. فقد أخذ الأوروبيون عن المسلمين علوم الطب والفلك والرياضيات، وبنوا عليها نهضتهم الحديثة.
إذن، القول إن الحضارة الإسلامية لم تستفد من غيرها يُظهر جهلًا بالتاريخ. فهي كانت وريثة للحكمة القديمة، لكنها أبدعت في تحويلها إلى حضارة إنسانية عالمية. كانت تأخذ وتعطي، تتعلم وتعلّم، تستفيد وتفيد.
وهكذا نرى أن الحضارة الإسلامية لم تكن مجرد صفحة في التاريخ، بل كانت نقطة تحول عظيمة جمعت الماضي بالحاضر، وجعلت العلم والمعرفة في خدمة الإنسان والخلق.