من الأسئلة الشائعة في مجال السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي هو ماذا نستنتج من قول الوليد بن المغيره عندما سمع القران وهو كافر “والله لقد سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام”، ومن الجدير بالذكر أن هذه العبارة تعد من أبرز الشهادات التي صدرت عن أحد زعماء قريش في وصف القرآن الكريم.
بعون الله تعالى سوف نتناول في هذا المقال تحليلًا دقيقا لهذه العبارة، مع تسليط الضوء على ما تعكسه من عظمة البلاغة القرآنية وتأثيرها حتى على المشركين في ذلك الوقت، حتى يكون المفهوم واضحاً لدى القراء.
من هو الوليد بن المغيرة ويكيبيديا
الوليد بن المغيرة¹ (95 ق هـ – 1 هـ / 530 – 622م) كان من أبرز قادة قريش ومن أثرى أثريائها وأحد أعلام العرب في الجاهلية، واشتهر بكونه والد الصحابي الشهير خالد بن الوليد. كان معروفاً بحكمته ورزانته، ومن أبرز ما تميز به في الجاهلية هو تحريمه لشرب الخمر، وقد عاقب ابنه هشام على تعاطيها.
ورد عنه أنه ساهم في بناء ركن من أركان الكعبة عندما تم ترميمها، بينما تولت باقي القبائل الأركان الأخرى. كان يُعرف بسخائه الكبير في موسم الحج، إذ كان يذبح يوميا عشرة من الإبل على مدار أربعين يوما للحجيج. كما كانت قوافله التجارية ضخمة، تصل إلى مائة بعير تدخل مكة من جميع أبوابها في آن واحد. لقبه أهل مكة بـ “الوحيد” لأنه كان يكسو الكعبة عامًا كاملاً، بينما كانت باقي القبائل تتولى الكسوة في العام التالي. كما ينسب له أنه كان أول من حرم شرب الخمر في الجاهلية.
إقرأ أيضا:كيف يؤثر الحجم في قدرة الخلية على إيصال التعليمات للقيام بالوظائف الخلويةلقِّب بـ “العدل” لأن دوره كان يعادل دور قبيلة قريش كاملة في كسوة الكعبة، إذ كانت قريش تتولى كسوة الكعبة عامًا واحدًا، بينما كان الوليد يتكفل بكسوتها وحده في العام التالي. ذكر البلاذري أنه كان يكنى بأبي عبد شمس أو أبا المغيرة، وكان يحظى بمكانة عالية وسط قومه، حتى لقب بـ “الوحيد” لمكانته الخاصة وتفرده وتميزه بمجموعة من الصفات التي لم تجتمع لأحد من أبناء طبقته.
فقد تميز بكثرة أبنائه، وغناه الواسع، ومكانته الرفيعة التي ورثها عن أبيه. كما كان يعتبر المرجع الأول لقريش في شؤونهم؛ لأنه كان أكبر سناً من أبي جهل وأبي سفيان.
عاصر الوليد ظهور الإسلام وهو في شيخوخته، لكنه اختار معاداة الدعوة الإسلامية ومقاومتها. بعد الهجرة بثلاثة أشهر، توفي عن عمر تجاوز التسعين عاما، وكان سبب وفاته هو جرح قديم في كعب رجله، والذي تعرض له عندما مرّ برجل من خزاعة كان يجهز سهماً، فتعلق سهمه بثوبه وخدش رجله مما تسبب في وفاته بعد سنوات. أشار ابن الأثير إلى أن الوليد توفي عن عمر يناهز الخامسة والتسعين، ودُفن في الحجون بمكة.
أبناؤه:
- الصحابي خالد بن الوليد
- الصحابي هاشم بن الوليد
- الصحابي الوليد بن الوليد
- أبو قيس بن الوليد: قتل في غزوة بدر كافرًا
- الصحابية فاطمة بنت الوليد
- الصحابية عاتكة بنت الوليد
ماذا نستنتج من قول الوليد بن المغيره والله لقد سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام
قول الوليد بن المغيرة: “والله لقد سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام”، يمكننا استنتاج إعجابه الكبير وإقراره بتميز القرآن الكريم وعلوه عن أي كلام بشري. على الرغم من كونه من أشد معارضي الدعوة الإسلامية، إلا أن هذه العبارة تعبر عن إدراكه لبلاغة القرآن وسحر ألفاظه وقوة معانيه.
إقرأ أيضا:من اهم عناصر عملية الإستدلال مقدمة او مقدمات يستدل بها على صحة النتيجةفقد كان الوليد بن المغيرة من فصحاء قريش، ومع ذلك شهد بأن ما سمعه من النبي محمد ليس كأي كلام مألوف. هذه الشهادة تكشف عن تأثير القرآن العميق حتى على من كانوا أعداء للدعوة في بداياتها.
إضافة إلى ذلك، تُظهر هذه العبارة عمق التأثير النفسي الذي أحدثه القرآن في نفوس سامعيه، سواءً كانوا من المؤمنين أو المشركين. فالقرآن بما فيه من عذوبة وجزالة في الألفاظ، وسمو في المعاني، كان يأخذ بمجامع القلوب ويثير الإعجاب والدهشة، حتى في نفوس من لم يكونوا يؤمنون به.
فشهادة الوليد بن المغيرة على عظمة بلاغة القرآن الكريم تمثل دليلاً واضحاً على أن تأثير القرآن لم يكن مقتصراً على المؤمنين، بل امتد ليشمل كل من سمعه، ما يثبت أن كلام الله كان وما زال فوق قدرة البشر على محاكاته أو معارضته.
