السؤال: ماذا يقصد بالقصور الذاتي؟
- الإجابة: هو ميل الجسم لمقاومة إحداث أي تغيير في حالته الحركية.
شرح الإجابة:
تخيل أن كل جسم في هذا الكون، سواء كان ساكناً أم متحركاً، يمتلك صفة متأصلة فيه، وهي نزعة طبيعية للحفاظ على وضعه الراهن. هذه الخاصية الجوهرية هي ما نطلق عليها مصطلح “القصور الذاتي”، فهي ليست قوة خارجية تؤثر على الجسم، بل هي مقاومة داخلية تنبع من صميم المادة ضد أي محاولة لتغيير حالتها الحركية، سواء كان ذلك التغيير من السكون إلى الحركة، أو من الحركة إلى السكون، أو حتى مجرد تغيير في مقدار سرعته أو اتجاهها.
ولكي تتضح الصورة أكثر، لنتأمل مشهداً مألوفاً: عند انطلاق حافلة متوقفة بشكل مفاجئ، تشعر باندفاع جسدك إلى الخلف. هذا الإحساس ليس إلا تجسيداً لممانعة جسدك، الذي كان في حالة سكون، ضد التغيير المفاجئ الذي فرضته حركة الحافلة. وبالمثل، عند توقف الحافلة فجأة، يندفع جسدك إلى الأمام؛ لأن حالته الحركية كانت هي “الحركة للأمام”، وهذه الممانعة الطبيعية فيه تحاول الإبقاء على تلك الحالة، فتقاوم التوقف المفاجئ. من هذا المنطلق، ندرك أن القصور الذاتي هو السبب في شعورنا بهذه الاندفاعات.
وهنا يبرز سؤال جوهري: هل هذه المقاومة متساوية في جميع الأجسام؟ الإجابة تكمن في مفهوم الكتلة. إن كتلة الجسم هي المقياس الكمي لقصوره الذاتي؛ فكلما ازدادت كتلة الجسم، ازدادت معها هذه النزعة لمقاومة التغيير في حركته. فدفع كرة صغيرة لا يتطلب جهداً يذكر لأن كتلتها قليلة وقصورها الذاتي منخفض، بينما تحريك صخرة ضخمة يتطلب قوة هائلة للتغلب على قصورها الذاتي الكبير جداً والنابع من كتلتها الهائلة. وبالتالي، فإن الكتلة والقصور الذاتي وجهان لعملة واحدة.
إن هذا المبدأ الفيزيائي لا يقتصر على الأجسام على الأرض فحسب، بل هو قانون كوني يشمل الأجرام السماوية والمركبات الفضائية. فالجسم المتحرك في الفضاء الخالي سيستمر في حركته بسرعة ثابتة وفي خط مستقيم إلى ما لا نهاية، ما لم تؤثر عليه قوة خارجية، مثل جاذبية كوكب، فتجبره على تغيير مساره. هذه المثابرة على البقاء في نفس الحالة الحركية هي التعبير الأسمى عن مفهوم القصور الذاتي، وهو الحجر الأساس الذي بني عليه قانون نيوتن الأول للحركة، والذي يفسر سلوك الأجسام في حالة غياب القوى المؤثرة.