ما المزايا التي تمنحها المحطة الدوارة لروادها وما سلبياتها

السؤال: ما المزايا التي تمنحها المحطة الدوارة لروادها وما سلبياتها؟

• الإجابة: الميزة الأساسية هي أن حركتها الدائرية تولّد “جاذبية اصطناعية” تحاكي الجاذبية الأرضية، أما أبرز سلبياتها فتتمثل في أن هذا الدوران المستمر قد يسبب اضطرابًا في الأذن الداخلية، مما يؤدي إلى أعراض مرضية تشبه دوار البحر.

شرح الإجابة:

إن فكرة المحطة الفضائية الدوارة لا تنبع من الخيال العلمي فحسب، بل هي حل هندسي عبقري لمواجهة واحدة من أكبر العقبات التي تعترض استكشاف الإنسان للفضاء السحيق، ألا وهي انعدام الوزن. ففي بيئة الجاذبية الصغرى، كما هو الحال في محطة الفضاء الدولية الحالية، تبدأ أجساد رواد الفضاء بالتدهور؛ إذ تضمر العضلات وتفقد العظام كثافتها بمعدل خطير. وهنا تبرز القيمة الجوهرية للمحطة الدوارة، حيث إن دورانها حول محورها يخلق قوة فيزيائية تُعرف بـ “قوة الطرد المركزي”. هذه القوة تدفع كل شيء بداخلها نحو الجدار الخارجي، تمامًا كما تشعر بالاندفاع نحو باب السيارة عند انعطافها بسرعة. هذا الدفع المستمر نحو “الأرضية” يحاكي تأثير الجاذبية، مما يجبر أجسام الرواد على العمل بجهد للحفاظ على قوتها العضلية وهيكلها العظمي، وبالتالي تمكينها من القيام برحلات فضائية طويلة الأمد، كالسفر إلى المريخ، دون التعرض لأضرار جسدية بالغة.

ولكن، على الجانب الآخر، فإن هذا الحل الهندسي المبتكر لا يخلو من تحديات فسيولوجية معقدة. فبينما يخدع الدورانُ العضلاتِ والعظامَ ويجعلها تشعر بالجاذبية، فإنه في المقابل يربك نظام التوازن الدقيق الموجود في الأذن الداخلية، والمعروف بالجهاز الدهليزي. هذا النظام يعتمد على حركة السوائل في قنوات دقيقة لإخبار الدماغ بوضعية الجسم وحركته. في المحطة الدوارة، أي حركة يقوم بها رائد الفضاء، خاصة حركة الرأس، تخلق إشارات متضاربة؛ فالعينان قد تريان بيئة ثابتة، بينما تشعر الأذن الداخلية بحركة دورانية مستمرة ومعقدة بسبب ما يسمى بـ “تأثير كوريوليس”. هذا التضارب الحسي بين ما تراه العين وما تشعر به الأذن هو السبب المباشر وراء الشعور بالغثيان والدوار الشديد، وهي أعراض لا تختلف عن دوار البحر المزعج، مما قد يجعل الأيام الأولى من الإقامة في مثل هذه المحطة تجربة صعبة للغاية تتطلب فترة من التكيف الجسدي والعصبي.

إذن، يمكن النظر إلى المحطة الدوارة كسلاح ذي حدين. فهي تقدم الوعد بالحفاظ على صحة الإنسان وقدرته على البقاء في الفضاء لفترات زمنية قياسية، وهو أمر حاسم لمستقبل الاستكشاف الفضائي. وفي الوقت نفسه، تفرض تحديًا بيولوجيًا كبيرًا على قدرة الجسم البشري على التكيف مع بيئة غير طبيعية بالمرة. إن الموازنة بين هذين الجانبين، من خلال تصميم هندسي دقيق وبرامج تدريب متخصصة لرواد الفضاء، هي التي ستحدد في نهاية المطاف مدى نجاح هذه التقنية الثورية في فتح أبواب الكون أمامنا.