السؤال: ما معنى الدافة
- الإجابة: الدافّة تشير إلى جماعة من الناس، غالباً ما تكون فقيرة ومحتاجة، تأتي وافدة إلى بلد ما. كما قد تدل على الجيش الذي يزحف ببطء وثبات نحو عدوه.
شرح الإجابة:
إن كلمة “الدافّة” تحمل في طياتها بعداً إنسانياً وتاريخياً عميقاً، يتجاوز مجرد التعريف اللغوي السطحي. ففي أصلها، تصف الكلمة جماعة من البشر يقدمون من مكان إلى آخر، وغالباً ما يُقصد بهم وفودٌ من الأعراب أو الفقراء الذين يصلون إلى مدينة أو قرية بحثاً عن العون أو الكلأ. هذا المعنى هو الأكثر شهرة وتداولاً، وهو الذي رسخته حادثة تاريخية مهمة في صدر الإسلام، حيث ارتبط المصطلح ارتباطاً وثيقاً بمفهوم التكافل الاجتماعي والرأفة بالضعفاء والمحتاجين الوافدين.
ويتجلى هذا المفهوم بوضوح تام في الحديث النبوي الشريف المتعلق بلحوم الأضاحي. ففي إحدى السنوات، قدم إلى المدينة المنورة عدد كبير من الناس المعوزين، وهؤلاء هم من أُطلق عليهم “الدافّة”. وفي ظل هذا الظرف الاستثنائي، ولضمان وصول الخير إلى هؤلاء الضيوف وتأمين طعامهم، نهى النبي الكريم عن تخزين لحوم الأضاحي لأكثر من ثلاثة أيام، موجهاً المسلمين إلى توزيعها على هؤلاء القادمين. لقد كان هذا التشريع المؤقت تدبيراً إنسانياً يهدف إلى مواجهة أزمة طارئة، ويجسد المعنى العملي للكلمة؛ أي الجماعة القادمة التي تستدعي حالة من الاستنفار الخيري في المجتمع المستقبل لها.
إقرأ أيضا:الشيئان المتساويان في السعة يتساويان في الكتلة. صح أم خطأومن هذا المنطلق، عندما سُئل النبي في العام الذي تلاه عن حكم الادخار، أوضح أن النهي كان لسبب محدد، فقال ما معناه: “إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ من أجل الدَّافَّةِ التي دَفَّتْ”، أي أن العلة كانت وجود تلك الوفود المحتاجة. وبزوال السبب، عاد الحكم إلى أصله، وسُمح للناس بالأكل والادخار والتصدق كما يشاءون. هذا السياق لا يوضح معنى الكلمة فحسب، بل يمنحها ثقلاً حضارياً، ويربطها بقاعدة فقهية عظيمة وهي أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، مما يبرز مرونة الشريعة وقدرتها على التكيف مع الظروف المتغيرة.
وبالانتقال إلى الوجه الآخر للكلمة، فإنها قد تستخدم لوصف الجيش حين يتقدم أو يزحف نحو العدو. والرابط الدقيق بين المعنيين يكمن في فكرة الحركة الجماعية البطيئة والثقيلة؛ فالجيش يَدِفُّ أي يسير بجموعه وتكتلاته، تماماً كما تسير تلك الجماعة البشرية الكبيرة القادمة من بعيد. خلاصة القول، إن “الدافّة”، وجمعها “دَوافّ”، مصطلح يصف كتلة بشرية متحركة، سواء كانت وفداً من الفقراء يطلب العون، أو جيشاً يتقدم نحو غايته، لكن يبقى معناها الأشهر والأعمق هو ذلك الذي ارتبط بقصة الأضاحي، ليصبح رمزاً للزائر المحتاج الذي يستوجب إكرامه ورعايته.
إقرأ أيضا:للمملكة العربية السعودية دور فاعل في حركة عدم الانحياز صواب خطأ