السؤال: ما هما الحرفان اللذان لا يشددان في القران أبدا؟
شرح الإجابة:
في رحاب اللغة العربية وعلوم القرآن الكريم، تبرز خصائص صوتية دقيقة تمنح الكلمات جرسها الفريد وتضبط إيقاع التلاوة. ومن بين هذه الخصائص، نجد أن الشدّة، أو ما يُعرف بالتضعيف، وهي بمثابة دمج حرف ساكن بآخر متحرك من الجنس ذاته ليُصبحا حرفًا واحدًا مشددًا، لا تلحق حرفي العين (ع) والحاء (ح) على الإطلاق في أي موضع من مواضع المصحف الشريف.
وإذا ما غُصنا في أعماق علم الأصوات ومخارج الحروف، يتكشّف لنا السبب الجوهري وراء هذه القاعدة. فكلا الحرفين ينتميان إلى مجموعة الحروف الحلقية، أي أن مخرجهما من منطقة الحلق، وهي منطقة تتطلب جهدًا خاصًا للنطق السليم. إن طبيعة هذين الصوتين الرخوة تجعل من عملية تضعيفهما أو تشديدهما أمرًا في غاية الصعوبة والثقل على جهاز النطق البشري، إذ إن حبس الصوت ثم إطلاقه بقوة، وهو جوهر الشدّة، يتعارض مع الانسيابية الطبيعية اللازمة لإخراج هذين الصوتين من عمق الحلق، مما قد يؤدي إلى تكلف يُخل بصفاء النطق وفصاحة التلاوة.
ويزداد الأمر وضوحًا عند النظر إلى علم التجويد الذي يهدف إلى قراءة القرآن بأقصى درجات الإتقان والجمال الصوتي، كما نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. لقد حُفظت التلاوة القرآنية من أي ثقل أو تعقيد لفظي، وجاء استثناء هذين الحرفين من التضعيف كجزء من التيسير الإلهي وحفاظًا على الإيقاع الصوتي المتناغم للقرآن الكريم، الذي تتجلى عظمته في فصاحته وبيانه السلس.
إقرأ أيضا:من خصائص المذكرات مراعاة الترتيب والتسلسل الزمني في كتابة المذكرة اليومية.ومن اللطائف اللغوية التي تؤكد هذا الانسجام الصوتي، أن هذين الحرفين الحلقيين لا يجتمعان معًا في جذر كلمة عربية أصيلة واحدة، نظرًا للتقارب الشديد في مخرجهما مما يولد تنافرًا صوتيًا. غير أن لكل قاعدة استثناءً يثبتها ولا ينفيها، حيث نجد اجتماعهما في كلمة واحدة فريدة هي “حَيْعَلَة”، وهي كلمة منحوتة من عبارة “حيَّ على الصلاة” أو “حيَّ على الفلاح” التي ينادي بها المؤذن، وهذا النحت هو حالة لغوية خاصة لا تقاس عليها القاعدة العامة.
إقرأ أيضا:حدد ما إذا كانت العباراة المركبة الآتية صحيحة أم لا: -2 < 0 و 3 < 7