السؤال: ما هو سبب التهام الحيتان العوالق؟
شرح الإجابة:
إن المشهد الذي يجمع بين أكبر كائنات الأرض، وهي الحيتان، وأصغرها، وهي العوالق، يثير تساؤلاً جوهرياً حول حكمة الطبيعة. فالإجابة لا تكمن في بساطة الاختيار، بل في معادلة دقيقة للطاقة والبقاء. تحتاج هذه الثدييات البحرية العملاقة إلى سعرات حرارية فلكية للحفاظ على وظائفها الحيوية وحركتها في المحيطات الشاسعة. ومن هنا، فإن مطاردة فرائس فردية كبيرة، كالأسماك، سيكلفها طاقة قد تفوق تلك التي ستحصل عليها، مما يجعلها استراتيجية خاسرة على المدى البعيد. بالمقابل، تشكل العوالق، وخصوصاً الكائنات القشرية الصغيرة مثل الكريل، أسراباً ضخمة تقدر كتلتها الحيوية بملايين الأطنان في المتر المكعب الواحد من الماء، فتتحول إلى وليمة هائلة ومصدر طاقة مركز ينتظر من يستغله.
ولتحقيق هذه الغاية، طورت الحيتان البالينية، مثل الحوت الأزرق والأحدب، تكيفاً تشريحياً باهراً يمثل بديلاً عن الأسنان. فبدلاً من المضغ والتقطيع، تمتلك هذه الحيتان في فكها العلوي مئات الصفائح القرنية المرنة، المعروفة بالبالين، والتي تتدلى كالأمشاط أو الشعيرات الكثيفة. تتمثل آلية عملها في أن يفتح الحوت فمه الهائل ليبتلع آلاف اللترات من المياه الغنية بالعوالق دفعة واحدة، ثم يدفع الماء بلسانه الضخم إلى الخارج عبر هذه المنظومة الترشيحية المدمجة. تعمل الصفائح البالينية كشبكة أو مصفاة عملاقة تحجز الكائنات الدقيقة بالداخل، بينما يمر الماء ويعود إلى المحيط. بهذه الطريقة الفذة، تتمكن من جمع أطنان من الغذاء في وجبة واحدة، محققةً فائضاً هائلاً في الطاقة يسمح لها بالنمو إلى أحجامها الأسطورية والقيام بهجراتها الملحمية عبر العالم، وبهذا، فإن علاقتها بالعوالق ليست مجرد تغذية، بل هي أساس وجودها ومحور دورها في توازن النظام البيئي البحري.
إقرأ أيضا:يعد الارز من ابرز المحصولات الزراعية في دول مجلس التعاون صواب خطأ