السؤال: ما هي الوظيفة التي من أجلها تم إنشاء نظام الحسبة
شرح الإجابة:
تم تأسيس نظام الحسبة في المجتمعات الإسلامية كأداة تنظيمية تهدف إلى ضبط السلوك الاقتصادي داخل الأسواق، وتحقيق التوازن بين مصالح البائع والمشتري. لم يكن الهدف مجرد مراقبة شكلية، بل كان النظام يُعنى بتطبيق قواعد دقيقة تضمن النزاهة والشفافية في التعاملات التجارية اليومية. ومن هنا، برزت وظيفة الحسبة كركيزة أساسية في بناء الثقة داخل السوق، عبر سلسلة من الإجراءات الرقابية التي تتكامل فيما بينها.
في البداية، يُعنى نظام الحسبة بمراجعة أدوات القياس المستخدمة في البيع، مثل الأوزان والمكاييل، لضمان مطابقتها للمعايير المعتمدة. فمثلاً، إذا كان البائع يستخدم ميزاناً يعطي قراءة خاطئة تقل بنسبة 5% عن الوزن الحقيقي، فإن ذلك يُعد مخالفة تستوجب التدخل. هذا النوع من الرقابة يمنع التلاعب ويضمن أن يحصل المشتري على الكمية الفعلية التي دفع ثمنها، مما يعزز مبدأ العدالة التجارية.
ثم ينتقل دور الحسبة إلى فحص جودة السلع المعروضة، سواء كانت مواد غذائية أو منتجات صناعية أو أدوات استهلاكية. فالمحتسب يتأكد من صلاحية المواد الغذائية، كأن يتفحص تاريخ الإنتاج والانتهاء، ويتحقق من خلوها من التلف أو التلوث. أما في المنتجات الصناعية، فيُنظر إلى مطابقتها للمواصفات الفنية، مثل سلامة التوصيلات الكهربائية أو جودة المواد الخام. هذا الدور لا يحمي المستهلك فحسب، بل يرفع من مستوى الثقة في السوق ويمنع انتشار السلع الرديئة.
إقرأ أيضا:سياسة الخصوصية ليس من المهم الاطلاع عليها (1 نقطة) صواب خطأومن زاوية أخرى، يتدخل نظام الحسبة في مراقبة الأسعار، حيث يُقارن السعر المعروض بقيمة السلعة الحقيقية، ويُمنع رفع الأسعار بشكل غير مبرر أو استغلال ظروف معينة لتحقيق أرباح غير عادلة. على سبيل المثال، إذا ارتفعت أسعار سلعة أساسية بنسبة 40% دون مبرر اقتصادي واضح، فإن المحتسب يتدخل لضبط الوضع وإعادة التوازن.
كذلك، يتولى المحتسب فض النزاعات التجارية التي تنشأ بين البائعين والمشترين، خصوصاً تلك المتعلقة بوزن السلع أو شروط البيع. فبدلاً من اللجوء إلى القضاء في كل حالة، يُمكن حل هذه الخلافات بشكل سريع وفعّال داخل السوق، مما يخفف العبء على النظام القضائي ويُسرّع حركة التجارة.
ولم يكن دور الحسبة تقنياً فقط، بل امتد إلى الجانب التوعوي، حيث يُنبه التجار إلى أهمية الالتزام بالضوابط الشرعية، مثل تحريم الغش والاحتكار، ويُرشدهم إلى السلوكيات التجارية السليمة. هذا الجانب التربوي يُسهم في بناء ثقافة اقتصادية قائمة على الأخلاق، ويُعزز من جودة التعاملات داخل المجتمع.
إقرأ أيضا:أي من الأعضاء التالية يعد من الأعضاء الملحقة بالجهاز الهضمي ؟وبناءً على ما سبق، يتضح أن نظام الحسبة ليس مجرد آلية رقابية، بل هو منظومة متكاملة تهدف إلى حماية الحقوق، وضمان جودة السلع، وتحقيق العدالة في السوق. إنه نظام يُرسّخ المبادئ الأخلاقية في قلب النشاط الاقتصادي، ويُسهم في استقرار الأسواق، ويُعزز من ثقة الناس في التجارة، مما يجعله ضرورة تنظيمية لا غنى عنها في أي مجتمع يسعى إلى العدالة والشفافية.