السؤال يدور حول: هل تُعَدّ الفطرة من “المصادر الأصلية” للتلقّي والاستدلال العقدي، أم أنها دليل مُسانِد لا يُحتجّ به استقلالًا؟ هذا التفريق مهم لأن “المصدر الأصلي” يعني ما تُبنى عليه العقيدة ابتداءً ويُحتجّ به بذاته، بينما “المصدر الثانوي/المُعاضِد” هو ما يؤيّد ويشهد ويُفهم في ضوء الأصل.
حل سؤال: من المصادر الأصلية للتلقي والاستدلال العقيدي الفطرة صح أو خطأ؟
- الجواب: خطأ، الفطرة من المصادر الثانوية.
شرح الإجابة:
إن القول بأن الفطرة هي من المصادر الأصلية للتلقي والاستدلال العقيدي هو قول غير صحيح. فالفطرة، على الرغم من كونها استعدادًا فطريًا في الإنسان لمعرفة الخالق، إلا أنها ليست مصدرًا اصلياً في بناء العقيدة الإسلامية وهي فقط الكتاب والسنة. فهذان المصدران يمثلان الوحي الإلهي الذي جاء ليوضح الحقائق العقائدية بشكل كامل وتفصيلي، بينما تظل الفطرة أداة مساعدة وتابعة لهما.
كذلك الفطرة هي بمثابة البوصلة الداخلية التي تُشير إلى وجود إله واحد، وتُمهّد الطريق للعقل لقبول ما جاء في الوحي.
على سبيل المثال، إحساس الإنسان الفطري بالعدالة يجعله يتقبل مفهوم عدل الله الذي ورد في القرآن والسنة. لكن الفطرة وحدها لا يمكنها أن تُفصّل لنا أسماء الله وصفاته، أو تُعلّمنا كيفية عبادته، أو تُبيّن لنا تفاصيل اليوم الآخر. لهذا السبب، لا يمكن اعتبارها من المصادر الأصلية في الإيمان، بل هي دليل عقلي يؤيد ما جاء في الوحي.
إقرأ أيضا:لماذا سميت الحشائش البوقية بهذا الاسممن الجدير بالذكر أن الفطرة حجة على الإنسان، خاصةً عندما يكون في بيئة لا يصلها الوحي. ومع ذلك، فإنها لا تُغني أبدًا عن القرآن والسنة. فإذا فسدت الفطرة بسبب المؤثرات الخارجية مثل التربية الخاطئة أو الانحراف الفكري، فإن الوحي هو الذي يأتي لتصحيحها وإعادتها إلى مسارها الصحيح.
على سبيل المثال، قد يُولد الإنسان على فطرة سليمة، لكن نشأته في بيئة وثنية تجعل فطرته تُنكر وجود الخالق. وهنا يأتي دور القرآن والسنة لتصحيح هذا الانحراف.
يُذكر أن الفطرة لا تتعارض مع النقل الصحيح أبدًا، بل تُصدّقه وتُؤيده. وقد أشار الإمام ابن تيمية إلى أن كل انحراف أو ضلال عقائدي حدث كان سببه إما خللاً في فهم النقل أو خللاً في العقل، وليس في الفطرة ذاتها، لأن الفطرة لا تفسد بطبيعتها بل تُغطى بالشهوات والشبهات.
إقرأ أيضا:حاصل ضرب ثلاثة في س مضافا إليه تسعةفي الختام، يتبين أن الفطرة ليست مصدرًا أصيلًا يا ثانوياً للتلقي والاستدلال العقيدي، لأنها أداة مساعدة للعقل ومكملة للوحي، والاعتماد الكامل على الكتاب والسنة هو السبيل الوحيد لبناء عقيدة سليمة ومتينة.