حل سؤال: من صور عبادة الأنبياء عليهم دعاؤهم من دون الله عز وجل، والاستغاثة بهم.
- اجابة السؤال هي: خطأ.
شرح الإجابة :
بدايةً، ينبغي لنا أن نوضح نقطة أساسية، وهي أن الأنبياء والرسل هم صفوة الخلق، اختارهم الله تعالى لحمل رسالاته وتبليغها للناس. ومن ثم، فإنّ عصمتهم من الوقوع في الشرك بالله أو دعوة غيره معه، أمرٌ مُسلّم به في صميم عقيدتنا الإسلامية.
وعليه، فإن القول بأن من صور عبادتهم دعاؤهم من دون الله أو الاستغاثة بهم، هو قولٌ خاطئ ومخالف لما جاءت به الشريعة الإسلامية. فالعبادة حق خالص لله وحده، لا يجوز صرف شيء منها لغيره كائناً من كان. الدعاء هو لب العبادة ومخها، والاستغاثة هي طلب العون والمدد من الله وحده. فكيف يُتصور أن يدعو الأنبياء غير الله أو يستغيثوا بغيره، وهم الذين دعوا الناس لتوحيد الله ونبذ الشرك؟!
أضف إلى ذلك، أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، مليئان بالنصوص التي تحذر من الشرك بالله، وتأمر بإخلاص العبادة له وحده. الأنبياء هم أول من امتثل لهذه النصوص وعمل بها، وهم قدوة حسنة لنا في ذلك. فمثلاً، نجد أن النبي إبراهيم عليه السلام، وهو أبو الأنبياء، قد تبرأ من قومه ومن معبوداتهم الباطلة، وأعلن براءته من الشرك وأهله. كذلك، فإن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم الأنبياء، قد حذر أمته من الشرك أشد التحذير، وأمرهم بالتوحيد الخالص لله تعالى.
إقرأ أيضا:تحدد العوامل اللاحيوية مثل درجة الحرارة نوع المخلوقات الحية التي يمكن أن تعيش في مكان ما. صواب خطاوالآن، دعنا نتأمل قليلاً في معنى العبادة. العبادة ليست مجرد طقوس وشعائر، بل هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. تشمل العبادة الصلاة والصيام والزكاة والحج، وتشمل أيضاً الدعاء والاستغفار والتوكل والخوف والرجاء والمحبة. فكل هذه الأعمال إن صُرِفت لغير الله، كانت شركاً أكبر مُخرجاً من الملة.
في المقابل، يجوز التوسل إلى الله تعالى بالأنبياء والصالحين، أي أن نسأل الله تعالى بجاههم ومنزلتهم عنده. ولكن هذا لا يعني أن ندعوهم أنفسهم أو نطلب منهم قضاء الحاجات أو تفريج الكربات. فالفاعل الحقيقي هو الله وحده، والأنبياء والصالحون هم وسائط نتقرب بها إلى الله تعالى.
من جهة أخرى، قد يلتبس الأمر على البعض، فيظن أن زيارة قبور الأنبياء والصالحين والدعاء لهم، هو من صور عبادتهم. ولكن هذا ليس صحيحاً. فزيارة القبور سنة مستحبة، تذكرنا بالآخرة وتزهدنا في الدنيا. والدعاء للموتى هو من الإحسان إليهم، وهو دليل على محبتنا لهم وتقديرنا لفضلهم. ولكن يجب أن ننتبه إلى عدم الوقوع في المحظورات الشرعية عند زيارة القبور، كدعاء صاحب القبر أو الاستغاثة به.
لكي نكون أكثر دقة، يجب أن نفرق بين المحبة الشرعية والمحبة الشركية. المحبة الشرعية هي أن نحب الأنبياء والصالحين لما فيهم من الإيمان والتقوى والعمل الصالح. هذه المحبة هي جزء من ديننا، وهي دليل على اتباعنا لهم واقتدائنا بهم. أما المحبة الشركية، فهي أن نحبهم محبة عبادة وتعظيم، بحيث نجعلهم شركاء لله في أفعاله وصفاته.
إقرأ أيضا:الاشعة المتوازية الساقطة على التفاحة تنعكس متوازية صواب خطأفي الختام، يتضح لنا جلياً أن القول بأن من صور عبادة الأنبياء عليهم السلام دعاؤهم من دون الله أو الاستغاثة بهم، هو قولٌ باطل ومردود. فالأنبياء هم أئمة الموحدين وقادة المؤمنين، وهم أبعد ما يكونون عن الشرك وأهله. بل إنهم دعوا الناس لتوحيد الله ونبذ الشرك، وحذروا من الوقوع فيه أشد التحذير. فكيف يُتصور أن يفعلوا ما نهوا عنه؟! لذلك وجب التنبيه والتحذير من هذا القول، وتبيين الحق للناس، حتى لا يقعوا في الشرك وهم لا يشعرون. فاللهم ثبتنا على دينك، وأعذنا من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن.